أحكي عن لوحة من روائع اللوحات في حقبة الفنان رفائيل..

مساء الخير

ربما حان الوقت لحكاية جديدة حول لوحة من روائع اللوحات..

أكواب المشروبات الساخنة بانتظارنا وكذلك قطع البسكويت فأعيروني انتباهكم لبضع دقائق لأحدثكم بما لدي حول هذه اللوحة..


اسم اللوحة:

The School Of Athens

Scuola Di Atene


رُسمت هذه اللوحة في الفترة بين عامي 1509-1510 ميلادي على يد الرسام الشهير آنذاك رَفائيل أو رافاييل كما يُكتب في مخطوطات أخرى في الحقبة المشهورة بحقبة النهضة الإيطالية الممتدة من نهاية القرن الثالث عشر وحتى العام 1600 حيث أُعيد الاهتمام وتجدد بثقافة العصور الكلاسيكية..


فلنتجه إذن نحو مقر عمل الرسام ودعوني أحدثكم عنه قليلاً بينما نمشي..

اسمه:

Raffaello Sanzio De Urbino

ولم يكن رساماً فحسب بل كان متعدد المواهب لكنه برع أكثر في مجاليّ الرسم والهندسة المعمارية.

لقد كون رفائيل وليوناردو دا فينشي وميكل-أنجلو (كما يُنطق) مثلثاً عُرف ببراعته ومهارته فأصبح هؤلاء الثلاثة أعلاماً بارزة يقصدهم الجميع للاستفادة منهم فقد كانوا سادة تلك الفترة بلا مُنازِع.

عُرِف عن رفائيل تناسق الخطوط ودقة التنفيذ وكان اهتمامه بالألوان يتجاوز كل حد فكان له تأثير كبير على مجالاتٍ عدة بما فيها فنون التصوير والرسم الذاتي حتى أواخر القرن التاسع عشر.


هاقد وصلنا..

تأملوا هذه اللوحة المعلقة

انظروا إلى خطوطها وألوانها.. انظروا للوجوه..


نحن الآن في قصر أبوستوليك

Palatium Apostolicum

في الفاتيكان، وهذه الغرفة التي نحن فيها هي أول غرفة في القصر يتم تزيينها..


تصور اللوحة لنا علماء الفلسفة في فصل دراسي يشرحون محاضراتهم وقد تحلق حول كل أستاذ طلابه.


تضم اللوحة الفيلسوف مُتعدد المواهب ابن رُشد وهو الوحيد الذي يرتدي عمامة على رأسه -في يسار الصورة من الأسفل قليلاً- وحلة خضراء حيث يبدو مُنحنياً وواضعاً يده على صدره..


في اللوحة أيضاً نرى فلاسفة اليونان مثل:

أرسطو/أريستوتل Aristotle،

أفلاطون/بليتو Plato،

سقراط/سُكراتِس Socrates،

ألسيبياد Alcibiad،

إبيقور Epicurus،

بيثاغورس (كما يُنطق) Pythagoras،

دوناتيلو Donato

وميكل-أنجلو Michelangelo

وهناك حوالي عشرين شخصية بعضهم مثل ليوناردو دا فينشي Leonardo Da Vinci قد تم تجسيده بخطوط بارعة ذكية وإشارات رمزية في هيئة الفيلسوف أفلاطون..


عدها النقاد من أروع اللوحات في تلك الحقبة وذكروا أنها تُحفة فنية حقيقية ومِثال مُتكَامِل على روح الكلاسيكية العالية والإبداع الفني..


هذه اللوحة هي إحدى اللوحات الأربع الشهيرة التي تُصور فروعاً متميزة من العلم والمعارف كما أنها مليئة بالرموز إذ أن التماثيل الموجودة فيها يرمز كل منها لشيء ما يختص بالآداب والفنون ونلاحظ عناية خاصة بتجسيد عناصر العمارة الرومانية بشكل دقيق وبارع فلدينا:

أبولو Apollo

وأثينا Athena

وحتى ميدوسا Medusa..


بعض النقاد ذكروا أن التلاميذ متحلقين نصف حلقة في منتصف اللوحة مما قد يُشير لنظريات بيثاغورس/فيثاغورس التي تدور حول هذه الأمور..


تعمق بعضهم في دراسة اللوحة فقالوا إن إشارات بعض الفلاسفة للأرض والسماء قد تُشير للموت والحياة أي أننا نموت على الأرض ونعيش في السماء وقد كان هناك جدل دائر بين بعض الفلاسفة حول السماء والأجرام وتحركاتها وماشابه..


ذكر بعض المهندسين أن المبنى يتخذ شكل الصليب اليوناني مما دفع البعض للإعتقاد أن المقصود ربما هو إظهار الانسجام بين الفلسفتين الوثنية والمسيحية..


القوس الرئيسي في اللوحة -والذي يظهر بشكل أفضل من غيره- يضم الكثير من الزخارف بنمط معين وهي الخطوط المميزة للفن اليوناني فلا يكاد يخلو منها مبنى ما..


تُعبر الوجوه المرسومة عن أحوال متباينة فمن متأمل لمصغٍ لمستمع وهناك اللا مبالٍ بما حوله..


بعض الأشخاص في حركة دائمة وكأنهم يمثلون طائفة الرواقيين The Stoics

(التي أسسها زينون/زِينو (حسب النطق) Zeno)

حيث عُرِفوا بعدم جلوسهم واستقرارهم بل بمشيهم السريع والانتقال خلف معلمهم من مكان لآخر وتجدهم في الأروقة طلباً لأنهار العلم والمعرفة..


ألوان الثياب تُعبر عن الوضع الاجتماعي والمادي فبعضهم تبدو عليه آثار الرفاهية فيما نراها بدرجة أقل عند الآخر ومنعدمة لدى غيرهم لكنهم جميعاً في مكان واحد لذات الغاية: طلب العلم..


اللافت هو وجود امرأة واحدة بينهم هي

مارجريتا لوتي Margarita Luti

التي عُرِف عنها أنها المرأة التي يستعين بها الرسام رفائيل نموذجاً للوحاته..


آمل أن تكون حكايتي قد أعجبتكم

وحتى نلتقي في حكاية فنية أخرى بإذن اللّٰه تعالى، كونوا بكل الخير..




ملاحظة:

حاولت إظهار أكثر الأشياء التي تحدثتُ عنها في التدوينة قدر الإمكان عند رفع الصورة ومعذرة لو كان هناك مالم يبرز وتم ذكره..



Starry Diary

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

أحمد ريَّان
شكراً جزيلاً، مسرورة بذلك حقاً..
بالضبط كما تفضلت فرفائيل كان من الإبداع الذي دفع بناقد فني ليقول - مالم تخني ذاكرتي-كما لو أنه يسجن بعضهم في اللوحات بتلك الألوان..

إقرأ المزيد من تدوينات Starry Diary

تدوينات ذات صلة