عندما نتأمل في الفقاعة الصابونية وهي تسبح في الهواء، ندرك حجم الهشاشة التي تكتنف وجودنا.


معلومات اللوحة:


Soap Bubbles (1733 - 1734) by: Jean - Baptiste - Simeon Chardin. Oil on canvas. 93×74.5 cm National Gallery of Art, Washington, DC, USA


فقاعات الصابون (1733 - 1734) للفنان: جان بابتيست سيميون شاردان. لوحة زيتية على قماش.

الأبعاد: 93 × 74.5 سم الموقع: المتحف الوطني للفنون، واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة الأمريكية.



قصة الفنان:


اشتهر برسم لوحات طبيعة صامتة وصورًا لمشاهد الحياة اليومية والأنشطة المنزلية وهو أمر يتناقض مع العديد من اللوحات التي كانت رائجة في فترة الروكوكو.


** فترة الروكوكو هي حركة فنية وزخرفية نشأت في فرنسا في أوائل القرن الثامن عشر وامتدت إلى منتصفه. تميزت بتصاميمها الفخمة والمعقدة والمرحة، واستخدامها للألوان الفاتحة والزخارف النباتية والمنحنيات المبالغ فيها. تطورت كنوع من رد الفعل على الأسلوب الباروكي الأكثر جدية وثقلًا الذي سبقه. شملت الروكوكو مجالات متنوعة مثل الفنون البصرية، والهندسة المعمارية، والأثاث، والموسيقى. كان الهدف من هذا الأسلوب إضفاء الشعور بالرفاهية والبهجة والخفة.



قصة اللوحة:


رسم شاردان هذا الشاب وهو ينفخ الفقاعات بينما كانت زوجته مريضة جداً. كانت تبلغ من العمر 38 عاماً فقط وأم لطفليه الصغيرين. توفيت في العام التالي في عام 1735. حتى دون معرفة الظروف الشخصية للفنان، كان المعاصرون سيعترفون بتلميحه إلى زوال الحياة الذي يرمز إليه الفقاعة. قام شاردان بعمل ثلاث نسخ على الأقل وربما أربع من هذه اللوحة.



تحليل اللوحة:


1- الفقاعات

موضوع هذه اللوحة هو الفقاعة، وهي موضوعة في مكان منخفض في التركيبة بحيث يكاد يكون غير مرئي بسبب رقتها.

ناعمة، مستديرة، وشفافة، تقع في مقدمة الحافة الحجرية الصلبة والثقيلة، التي تضفي وزناً على التركيبة بأكملها. بينما يمسك نافخ الفقاعات بالحافة بيده اليسرى ليستقر، فإن التباين بين لحم يده والفقاعة الزائلة هو أمر مقصود. الفقاعة قد بلغت حجمًا هائلًا.



2- نافخ الفقاعات


الفقاعة اللحظية هي رمز لهشاشة الحياة وتفاهة المساعي الدنيوية؛ فهي ستنفجر في غضون ثوانٍ. ينحني صبي فوق حافة النافذة، مركزًا على نفخ الفقاعة. شعره ملفوف بأناقة ومربوط بشريط مرح، على الرغم من أن سترته ممزقة. تخلق الإضاءات والظلال الوهم بأن وجهه يبرز من مستوى اللوحة.



3- مراقب الفقاعة


بجانب الصبي الأكبر الذي ينفخ الفقاعة، بعيون واسعة ومتسائلة، يوجد صبي أصغر يراقب بانتباه شديد. ربما يكون هذا هو شقيق نافخ الفقاعات. أنفه الصغير بالكاد يصل فوق الحاجز، وقد تم رسمه بتركيز ناعم، مما يُظهر أنه في الداخل المظلم. الريشة في قبعته موجودة لتوازن أوراق اللبلاب على الجانب الآخر من اللوحة.



4- ماء صابوني


كخبير في رسم الطبيعة الصامتة، تضمنت أعمال شاردان المبكرة في الغالب أشياء غير حية: الخضروات والفواكه، الطرائد الميتة، وأدوات المطبخ. هنا، يظهر الماء الصابوني المعتم في كأس - مخلوطًا بقشة، والضوء يلمع على الحافة - بشكل بارز مقابل الدرجات اللونية البنية الدافئة للقماش. أثرت أسلوبه على أعمال الفنانين اللاحقين، بما في ذلك شانيون.



الجانب التقني:


1- الألوان:


١- تُضفي اللمسات الصغيرة وغير الملحوظة تقريبًا من الأحمر الفاقع أو الأزرق الحيوية على الأسطح الفردية، لكن اللوحة ككل تُخلق بتناسق متوازن ودقيق باستخدام ثلاثة ألوان فقط: الرمادي، البني، والأخضر. يشكل الخلفية الرمادية الباردة تباينًا مع البني الدافئ لسترة الصبي.



٢- فرشاة الرسم


بالمقارنة مع الرسامين الآخرين في القرن الثامن عشر الذين استخدموا الطلاء الرقيق واللمسات غير الملحوظة، يطبق شاردان طلاءه بطبقات ثقيلة وحيوية. تُنتج هذه التقنية الغنية بنسيج خاص بها، مما يمنح الطلاء جودة ملموسة تقريبًا تشبه النحت. يظهر ذلك في صلابة الحجر وملمس الحجر على القماش.



الفلسفة:


هشاشة الحياة


عندما نتأمل في الفقاعة الصابونية وهي تسبح في الهواء، ندرك حجم الهشاشة التي تكتنف وجودنا.

تلمع الفقاعة بألوان الطيف، تتراقص بخفة، ثم تختفي في لمح البصر، تاركة وراءها فراغًا وصمتًا.


الفقاعة الصابونية، بألوانها المتلألئة وشكلها الرفيع، تمثل رمزاً هشاً للحياة البشرية. اللمعان المؤقت للفقاعة والتفجير المفاجئ لها يعكسان فكرة زوال الحياة بسرعة ودون إنذار. من خلال هذه اللوحة، ينقل شاردان رسالة مفادها أن الحياة، رغم جمالها وسحرها، هي في النهاية أمر مؤقت وعرضة للتغيير الفجائي.


يقول ماركوس أوريليوس:

وما الموت؟ إن من يتأمَّل الموت في ذاته، ويُعمل فيه التحليل العقلي لِيُجرِّده مما يرتبط به من دلالاتٍ سوف يخلص إلى أنه لا يعدو أن يكون وظيفةً طبيعية. ومن يرتاعُ لوظيفةٍ من وظائف الطبيعة فهو طفلٌ غَرير. ليس الموت وظيفةً طبيعيةً فحسب بل إنه أيضًا لخير الطبيعة وصالحها.



المراجع:


Art in detail: 100 masterpieces

by: Thames & Hudson





تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة