"يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"
صحوت اليوم مبكرا أستعد لروتيني الصباحي الاعتيادي، وكالعادة أفتتح يومي بسماع أذكار الصباح، والتي في كل مرة يذهلني أنني أكتشف معنىً جديداًفي نفسي كلما قرأتها وسمعتها، وعادة ما تأتي هذه الخواطر وتروح .. إلى أن علِقت في عقلي فكرةٌ أبت أن تغادرني قبل أن أقيدها على صفحتي هنا ..
نردد في كل صباح "اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر" وأيضاً: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيثأصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"، فجعلت أنظر في عظيم النعم من حولي وفي داخلي، وكيف أن ليس لي سلطان عليها، وأنها من الممكنأن تختفي في لحظة !
ما أصعب أن يتكئ الانسان على نفسه الضعيفة، ما أصعب أن يتكل على ذاته وهي في كثير من الأحيان غافلة وغائبة، والبصيرة أبعد من مد البصر ! ماأصعب أن يغدو هذا القلب فارغاً من المعاني الروحية ويصبح ممتلئاً بالأحزان والأوهام، أن يكون الله أقرب إليه من حبل الوريد ومع ذلك .. لا يدعو .. لا يتوكل .. لا يستبصر ! ما أصعب أن يستنفذ طاقته كل يوم في محاولة أن يكون هادئاً ومرتاحاً، وفي داخله براكين من الغضب والقسوة، وانهياراتٌ من الماضي وعذاباتٌ من الحاضر.
ما أقصر طرفة العين! ومع ذلك نستعيذ بالله من أن يكلنا الى انفسنا مقدار هذه الطرفة ! أي نفسٍ هذه التي قد تقودنا بعيداً عن الرحمة الإلهية، وهي المعذبةبالبعد عنها، وأي شهوة ترمينا في غياهب الظلام بعيدا عن نوره، هي شهوة "الأنا"، التي كلما عظمت في داخل النفس، زاد ظلامها وظلمها، وانفصالهاورحيلها، وترددها وحيرتها !
عندما تستشعر أن كل ما لديك هو منه وحده، يصبح صعباً عليك أن تتكل إلى نفسك طرفة عين، هي معادلة بسيطة، ولكنها عزيزة الوصول واليقين، ولا يوفق بهاإلا كل مخلص لله عابدٌ وصالح، من يتقيه في كل أموره وحركاته وسكناته، ومن يفيض عليه الله تعالى بالولاية والمكانة، هم من يملكون مفاتيح الطمأنينة في هذهالدنيا شديدة الخوف والجوع والتهديد.
أيتها المكانة العزيزة، كيف هي الأيام معكِ، وكيف هو الشعور المستمر عند العيش بكِ ! كيف هي الحياة بهذا التوكل العظيم على الله؟ وكيف هم عمّاركِ!؟ هليزورهم الشك والقلق والخوف كما يزورنا؟ كيف تبدو أفكارهم وهم ثابتون على أرض صلبة من اليقين، كم مرة في اليوم يحلقون في جمال التسبيح والروحانياتوذكر الله والابتهال؟ هم يعيشون في دنيا غير التي نعرفها، ويغرقون في نعيم لم نصله، ويستلذون في العطايا الربانية والكثير من الهبات والفتوحات.
اللهم اجعلنا منهم، وان لم نكن أهلا لهذه العزيزة، فقربنا منهم، لنذوق بعضاً مما يذوقون.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات