إنّ المأساة تكمن فيما نظنه حبا ، وهو ليس بحب أصلا، لأننا انفصلنا عن حبٍ رئيسي وضروري يجب أن نعيشه في كل لحظة، وهو حب (الله) تعالى،

كتابة : شيماء الصمادي


رحلة مع الحب


لم يكن يوما خياراً أن نعيش الحياة بدون (حُب)، بل هو ضرورة لحياة آمنة وسعيدة، حيث أن حُب الأم والأب الذي يبتدئ من نعومة الأظفار، يكون سهلاً وواضحًا، فنصبح متعطشين له عندما نكبر، لرغبتنا في اشكال جديدة من الحب، وعدم الاكتفاء بحب الطفولة، فنصير باحثين عن (الحب) في كل شيء من حولنا، فهو بالأساس في فطرتنا وتكوينتنا.


وعلى الرغم مما تسوقه لنا الأفلام والأغاني، أنّ الحب دمار وحرب ومأساة وعذاب، يبقى في دواخلنا شيء من العطش إليه، والرغبة فيه، والسعي إليه، وكأننا لا نريد ان نصدق هذا التسويق الكاذب، لأننا كمخلوقات بشرية لا نستطيع أن نعزل عنا مشاعرنا، هي جزء من تكويننا وبشريتنا، والعاطفة هي أجمل شيء في الوجود، بدونها نصبح كائنات روبوتية، منسلخون عن إنسانيتنا !!


ولكن الاختبار العظيم لرحلة كل إنسان فينا في هذه الحياة، أن نفهم الحب كما هو، بطبيعته الخالصة، بعيداً عن التعب والعذاب، عاطفة تمنحك كل شعور جميل، من رضا واطمئنان وسعادة، عاطفة قوية ومحرك أساسي لحياتك، ففكر الان كم من قرار اخذته في حياتك ظناً منك أنه مبني على المنطق والعقل والمصلحة، ولكنه في الواقع كان مبني على (حُب)، ويبقى السؤال الدائم، هل الحب يخدمنا أم يدمرنا؟


إنّ المأساة تكمن فيما نظنه حبا ، وهو ليس بحب أصلا، لأننا انفصلنا عن حبٍ رئيسي وضروري يجب أن نعيشه في كل لحظة، وهو حب (الله) تعالى، فكلما ابتعدنا عن هذا الحب الحقيقي والجوهري، كلما اقتربنا من أشكال اخرى من التعلق والادمان والزيف، التي تبدو حباً، ولكنها في الحقيقة العذاب والانفصال عن الذات، ولكما استزدنا منها، كلما زاد ابتعادنا عن الأصل، و ظهرت في حياتنا اختبارات شعورية كبيرة، فيظهر الاكتئاب والقلق والرهاب والتعلق بالاشخاص والعمل، وحب الظهور والشهرة والمكانة، والتعلق بالمال والمظهر، لأننا عظمنا في نفوسنا اشياء لا تُعظم وليست هي الهدف من حياتنا في الدنيا، وصغرنا في نفوسنا أعظم شيء في الوجود، وهو (حب الله تعالى).


السر يكمن في معرفة مفاتيح حب الله تعالى، وكيف نعيش يومنا الحالي وكل يوم قادم، مستشعرين هذا الحب، راضيين مطمئنين، فهذه القيمة الشعورية العظيمة والرقيقة في نفس الوقت، تمنحك مع الايام نمطاً من التفكير المريح نحو الاشياء الدنيوية، فلا تحزن لشيء الا إذا أبعدك عن حب الله، ولا تفرح لشيء إلا اذا قربك من حب الله، ولا تطمئن لشيء إلا لمعرفة انه يرضي الله، ولا تسعى لشيء إلا لأنك تعلم أنه سيقوي صلتك بالله، ومهما مررت بابتلاء او محنة صعبة، ستهون في ميزانك القلبيّ، فلا تجزع لفقد أو مصيبة، ولا يختل توازنك، فتحزن بامتنان، وتفرح بامتنان، وتسأل نفسك دوما، كيف لهذا الحدث او الاختبار ان يزيد من حبي لله تعالى وإيماني به؟ ماذا يريد الله مني أن أتعلم؟ كيف أفهم نفسي أكثر من خلال هذا الابتلاء؟


(والذين آمنوا أشد حبا لله)، في هذه الآية جمال الوصف والمعنى، أي أنّ الإيمان بالله وحب الله وجهان لعملة واحدة، فلا يمكن أن تحبه بدون إيمان، ولا يمكن أن تؤمن به بدون حب، فإن حدث الحب بدون ايمان، يكون حباً مضطرباً مبني على مصلحة شخصية، وإن حدث الإيمان بدون حب، يكون إيمانا مزيفاً وسطحياً بدون أي قيمة داخلية، وهذا يذكرني بكل من يدعي الإيمان والالتزام، وهو لا يعيش حقيقة الحب في حياته وأيامه.


يطول الحديث عن حب الله تعالى، ولكن أختم بهذا الدعاء، اللهم ارزقنا حبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربنا الى حبك، فلا نعيش بدون حبك ولا نسعد، ولا نرقى ولا نتعلم ولا نرضى، فاللهم أنت الحب، فاجعلنا ممن تحبهم ويحبونه.


- كتابة: شيماء الصمادي


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

💙🌷

🌸😍

ربي يسعدك ويحبب خلقه فيكي احلى كاتبه على وجه الارض ،، ماشاءالله ابداع

إقرأ المزيد من تدوينات شيماء الصمادي

تدوينات ذات صلة