هل شعرت بألألفة الغريبة تجاه بعض الاشياء أو الاشخاص ؟ هل هناك شخص ما في حياتك تشعر بقربه من روحك في كل مرة تصنع معه حديثا؟

هل حدث معك مرة وأنت تمشي في شارع ما لأول مرة، شعرت بشيء لطيف في اعماقك، وكأن المكان معروف؟؟ هل حادثت شخصا غريبا لمدة خمس دقائق وشعرت بشيء دافئ نحوه وكأنك تعرفه؟ هل سبق وأن قرأت اقتباساً أو نصاً شعرت أن كاتبه يتحدث عنك بالحرف الواحد؟ هل شعرت بألألفة الغريبة تجاه بعض الأشياء أو الأشخاص ؟ هل هناك شخص ما في حياتك تشعر بقربه من روحك في كل مرة تصنع معه حديثا؟ وهل حدث معك أن تفكر في أحد ما، فيصلك إشعار برسالة منه ؟

هذا ما يسمى "تآلف الأرواح" .. وأتخيله بما يشبه الغيوم التي تتلاقى في السماء، فتحتضن بعضها، ثم تمطر، وربما تشرق الشمس بين حناياها، فتظهر لنا ألوان بديعة وجميلة تسرق النظر والقلب، وتتحرك مع الرياح وتتصالح مع البرق الرعد، ثم تذهب في سلام وقد أدت مهمتها على أكمل وجه، فكيف كان يمكن أن تؤديها بدون أن تتحرك وتحتضن، وتتآلف، مع باقي الغيوم .. ؟ أي الأرواح .. ؟؟

شيء لا يمكن ان يعتبر منطقيا أو عقليا، وغير خاضع لأحكام وقوانين فيزيائية، ولا يشبه خططك السابقة، شيء يحدث في لحظة قد تكون سحرية وآسرة، كأول نظرة الى مكان عملك المستقبلي، أو الى شريك حياتك المستقبلي، أو الى صديق سيصبح جزءا مهما من حياتك وأيامك، هذه النظرة الأولى التي يصحبها شعور الدفء الذي يخبرك أن هناك حكاية طويلة بينكما، حكاية لن تنتهي بسهولة، بل وستغير مجرى كل شيء، والكثير من القرارات، والأفكار، وأنماط سابقة من السلوكيات !

أن تكون شفاف الروح، تسأنس بخالقك، ثم بقلبك، يجعلك على استعداد لاستقبال الكثير مما يشبه روحك، بل ويجعل روحك على بصيرة بما يشبهها وما هو غريب عنها، وأيضا يجعلك على استعداد أن تترك كل ما لا يشبهك بدون تأنيب ضمير وخوف، لأن الحياة مليئة بالخيارات والفرص، ولا يوجد شيء يسمى (الفرصة الذهبية)، أو (آخر حبة)، ولكنك اذا ذهبت إلى ما لا يشبه روحك، فأنت حقا ستخسر اقترابك من ذاتك وحقيقتك، وفرصة أن تعيش بسلام مع أشياء دافئة، حنونة، وصادقة، أشياء تُشبع روحك وتملؤها.

إنّ أهم خطوة لتعيش هذه الحالة، هي أن تكون صادقا مع روحك أولا، فلا تخدعها ولا تكذب عليها، ولا تذهب بها الى أماكن تبعدك عنها، وأن تلتزم بأن تكون لنفسك خير معين وصديق، وأب وأم، ومعلم ومرشد، فلا تنتظر أن تلتقي روحا تشبهك، وأنت لم تلتقي بروحك أصلا، ولم تمنحها من الحب والرعاية والالتزام ما يكفي .. !!

الجميل بتآلف الأرواح أنه لا يحملك فوق طاقتك، بل هو شيء ناعم يسري بداخلك وداخل الروح الأخرى، بتناغم آسر ولذيذ، تماما كما تحركت الغيمات مع الريح، فإذا التقيت بهذه الروح التي وجدت نفسك فيها، تعلم يقينا أن كل شيء سيكون سهلا خفيفا، ليس عليك التبرير ولا التفسير، ولا أن تشرح نفسك كثيرا، ستتمكن من خلق حوار بلا كلمات، وخلق حديث كامل بلا صوت، ستكون العيون هي نافذة ارواحكم الشفافة الرقيقة.

هل تعلم من هي الروح (المعذبة)؟ هي الروح التي تعاني من أشياء وأشخاص لا يشبهونها، هي الروح التي تعاني كل يوم من سبات المشاعر الملهِمة، هي الروح التي أصبحت ثقيلة على صاحبها، التي تراكمت عليها الذنوب والأحزان والخيبات، هي الروح التي لا تعيش بأمان مع النفس والعقل والقلب، بل تعيش صراعا دائما بين هؤلاء الأربع، هي الروح التي اشتاقت الى توأمها، فعذبها الشوق ومال بها نحو الانتظار الذي لا ينتهي، هي الروح التي لم تفهم بعد غايتها في الحياة وهدفها، وهو أن تكون روحا عابدة لله فقط، ساعية اليه بكل ما فيها، مطمئنة الى مصيرها الأبدي، وهو خلود في الجنة برحمة من خالق هذه الروح.

رسالتي اليوم، تآلف مع روحك، ثم اتركها تتآلف مع من يشبهها، وطمئنها بأن الحب والسلام والرفق مصدره الأول والأخير من خالقها، وثق بأن روحك تعرف، تعرف متى ستحتضن غيمة عابرة فتصير معها غيمة واحدة، ومتى عليها أن تسبح وحيدة، ومتى عليها أن تمطر، ومتى عليها أن تسمح للشمس بالشروق من بين اجزائها، كن واثقا بمسير رحلتك وروحك، واهم من كل شيء، كن واثقا بخالقك.





ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

اللهُ ربي .. لا يوجد بداخلي اله ! .. الحمدلله على نعمه وفضله

إقرأ المزيد من تدوينات شيماء الصمادي

تدوينات ذات صلة