عن شهيد الكلمة و الحرف المقالة و القصة عن صاحب الكلمة التي قهرت الأعداء أحدثكم.
صاحب الكلمة الناضجة الساخنة .. مالك القلم المؤثر الذي نافس الرصاص ... أرهب الاحتلال بحرف كلمة جملة مقالة و حتى برواية و قصة ... بالطبع تتساءلون عن هذا الذي أحدثكم عنه ، قد تظنونه بطلاً في قصص الخيال أو قارئاً عربياً من أساطير القبائل ، لكن يؤسفني أن أخبركم أنه لا هذا و لا ذاك هو ابن فلسطين المولود في الثامن من نيسان لعامِ ألفٍ و تسعمىةٍ و ستٍ و ثلاثينٍ غسان كنفاني.
عاش كنفاني في يافا حتى بلغ الثانية عشرة من عمره ثم أجبر على اللجوء مع عائلته في عام ١٩٤٨ إلى لبنان فسوريا حيث عمل و عاش في دمشق ثم انتقلوا إلى الكويت و بعدها في عام ١٩٦٠ عاد إلى بيروت وظل فيها حتى توفي .
أصدر كنافني حتى تاريخ وفاته ثمانية عشر كتاباً ، و كتب مرات المقالات و الدراسات الثقافية و السياسية و عن كفاح الشعب الفلسطيني ... ترجمت معظم أعماله الأدبية إلى سبع عشرة لغة و نشرت في عشرين بلداً .
على الرغم من أن أعماله الأدبية من روايات و قصص قصيرة كانت متجذرة في عمق القضية الفلسطينية و العربية إلا أن مواهبه الأدبية الفريدة أعطتها جاذبية عالمية .
أسس كنافني مجلة الهدف الناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و ترأس تحريرها بينما كان ناطقاً رسمياً باسم الجبهة .
تزوج كنفاني من السيدة الدينماركية ٱني هوفا و رزق منها بولدين فايز و ليلى .
استمر كنفاني بكفاحه بالقلم .. القلم الذي أضحى سهماً و أصاب عمق الاحتلال .. القلم الذي جعل الاحتلال يدرك أن وجوده مهدد ما دام يكتب.
فلم يستطيعوا إلا أن يخططوا لكسر ذلك القلم و صاحبه ، و بالفعل ففي صبيحة يوم السبت الثامن من يوليو لعامِ ألفٍ و تسعمئةٍ و اثنين و سبعين انفجرت سيارته بعد أن زرع جهاز الموساد الإسرائيلي عبوات ناسفة فيها ، فاستشهد غسان في ذلك اليوم مع ابنة أخته لميس نجم .
انتهت حياته بطرفة عين .. الشاب البالغ من العمر ستاً و ثلاثين عاماً استشهد بعدما علم الاحتلال مدى خطورة هذا الاديب عليهم .. الاديب الذي حاربهم بالكلمة .
إن الصمت هو صراخ من النوع نفسه. أكثر عمقاً، وأكثر لياقةً بكرامة الإنسان
هذا هو غسان صاحب القلم الذي هزم الرصاص و فاق المدافع في تأثيره ، صاحب الكلمة التي قهرت الأعداء .
هذا هو كنفاني ستٌ و ثلاثون عاماً من حياته كانت كافية ليخلد فيها اسمه في كتب التاريخ بماءٍ من ذهب ، خلد كلمته ، خلد قصته ، خلد مطلبه ، خلد حلمه ..
هذا هو غسان كنفاني يكفيكم فخراً أنكم سمعت باسمه .
كل دموع الأرض لا تستطيع أن تحمل زورقاً صغيراً يتسع لأبوين يبحثان عن طفلهما المفقود غسان كنفاني, عائد إلى حيفا
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات