في هذه الرحلة الطويلة، ربما ستجد أنك أصبحت سيد نفسك...

أعتقد أنه قد حان الوقت لأشارككم تجربتي في ما بتعلق بموضوع تطوير الذات، فهذا المصطلح وإن كان يحمل العديد من الأمور والمعاني التي تندرج تحته؛ إلا أنني أرى أن ما جرى معي خلال السنتين الأخيرتين يمكن أن يعتبر بشكل أو بآخر تطور ذاتي.

إن صادفت يوماً شخصية تسيّر يومها بشكل منتظم تماماً، حيث تقسم الأربع وعشرون ساعة لقسمين لا ثالث لهما، قسم للنوم والآخر لمشاهدة المسلسلات والمحتويات عديمة القيمة. وتسير على النظام ذاته في أيامها الدراسية ولكن مع اختلاف بسيط وهو أن وقت النوم كان يشمل ساعات الدوام أيضاً. وبعدها بفترة تتراوح بين العام أو العامين عدت لتلك الشخصية لتجدها قد أعادت ترتيب يومها وأدركت أهمية الوقت فأصبحت تسابق الزمن من أجل أن تنهي هذا الكتاب أو ذاك الواجب وتضع في قائمة أهدافها التي ستنجزها خلال العطلة الصيفية تعلم لغة جديدة وتطوير أخرى، والحصول على شهادة من إحدى الدورات وبناء عادة صحية وتطوير مهارة ما، وإن وَجَدت بعض الفراغ في تلك القائمة تجدها تبحث عن أي جهة للتطوع أو المساعدة لتشترك بها. ما أول سؤال سيخطر ببالك أن توجهه لها ؟


كيف حدث ذلك كله ؟!


حسناً، لم أكن سندريلا التي ألقت عليها العرابة تعويذة فتحولت خلال لحظة، ولكن الأمر استدعى عدة مراحل وظروف مختلفة. لم أمتلك عرابة ولكنني امتلكت كتب سحرية، ولم أكن سندريلا ولكن كنت شخص يدرك أن هناك خطباً ما، مما جعلني أبحث دائماً عن الحل.

ولكي لا يطول حديثنا في هذا الموضوع الواسع، وحتى لا نغضب القارئ بالحشو الذي لا علاقة له بالموضوع الرئيسي؛ سأخصص الحديث في هذه المقالة (المكتوبة على جزأين) لما يعرف ب" التنمية البشرية" أو إن صح التعبير " التنمية الذاتية ".

جزء كبير من الكتب التي قرأتها خلال حياتي كان يتحدث عن التطور والتنمية الذاتية فقد بدأت هذه الرحلة مع الدكتور (إبراهيم الفقي) حيث كانت كتبه من أوائل الكتب التي وقعت في يدي وكلماته كانت أول ما بدأ يقتحم عقلي ولذلك تجد أن كلماته تحديداً لا تزال عالقة في مكانها وعاصية على النسيان. ابتداءاً من كتاب "عش سعيداً"، "قوة الثقة بالنفس"، "أرسم مستقبلك بنفسك"، وختاماً بكتاب "إدارة وتنظيم الوقت" فقد كانت هذه السلسلة هي الأساس في تكوين قاعدة التطور الذاتي الخاصة بي. وبعدها يأتي كتابيّ "اخلع حذاءَك" و"بيكاسو وستاربكس" للكاتب ياسر حارب، ومن ثمة " ما أعرفه على وجه اليقين" لأوبرا وينفري. وبعدما تقدمت بالعمر قليلاً كان لا بد من تطوير محتوى الكتب فقرأت "قوة الفرح" و"قوة العادات" ورواية "الخيميائي" لباولو كويلو. وربما هنا كنت قد بدأت أعتبر القراءة مهمة ومفيدة أما ما سبق كنت أقرأ ولكن بلا حضور أو تركيز كامل وربما لم أكن على درجة عالية من الإدراك لأفهم أهمية ما يقال. وفي آخر سنتين كان للكاتب (توني روبنز) بكتبه جميعها وخطاباته دور كبير جداً في هذه الرحلة، ومن ثم آتي بالذكر على كتاب "السر" وما ورد فيه من أفكار، قد تبدو للبعض تراهات لا صحة لها ولا قيمة، ولكن ربما رأيت أنا هذا الكتاب بطريقة مختلفة بعض الشيء لأنني وجدت فيه ما يثني على الدروس التي تعلمتها في بداية هذه السلسلة، ولم أجد به ما ينافي العقل والمنطق ولا حتى الإيمان. لذلك أعتبر هذا الكتاب تحديداً أكبر حافز لتحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات. وأستطيع أن أختم هذه السلسلة بما قرأته مؤخراً وقد ينتمي لهذا المجال " لأ بطعم الفلامينكو" للدكتور محمد طه، " والتفكير فريضة إسلامية" للعقاد. وإلى جانب الكتب كان هناك بعض المصادر الأخرى كالأفلام والبودكاست والبرامج وقصص الأشخاص المؤثرين.


والآن بعد أن ذكرت هذه السلسلة ربما يتبادر إلى ذهنك هذا السؤال:


ماذا نتعلم من كتب النجاح وتنمية الذات ؟


في الواقع أنت لا تتعلم منها ولكن برأيي أنك ستعاود العيش من جديد بسببها؛ تعيش بعقل جديد وبمعتقدات واهتمامات أخرى.

وعندها تدرك أنك أصبحت على درجة عالية من الوعي لما يدور حولك، وعلى درجة لا بأس بها من النضج. تصبح أنت سيد نفسك ويصبح لديك المقدرة على التحكم في مجريات أيامك وحياتك – إلى حد ما –. تبتعد عن المماطلة والتسويف وتسلط تركيزك على تكوين أهدافك الشخصية وتحقيقها، ربما ستحقق نجاح في عملك أو دروسك بل وربما ستمتلك نظرة مختلفة للتعلم والعمل. - فالشخص الذي كان يقضي أيامه في الهروب من الدراسة أصبح يضعها في قائمة أولوياته - ولا ننسى أن هناك جانب سيتغير في حياتك الإجتماعية والعاطفية وفي علاقاتك مع الآخرين ولكن هذا موضوع سنأتي على ذكره في الجزء الثاني من هذه المقالة. ولكن يمكننا الحديث عن التغير الذي ستشهده حياتك الصحية من حيث عادات النوم والأكل الصحي وممارسة الرياضة، وحياتك المعنوية التي تعتمد على أمور كالطاقة الإيجابية والتأمل والاسترخاء، وستشهد تغير ملحوظ في ذوقك الذي يدفعك لمشاهدة نوع معين من المحتويات والمسلسلات والأفلام، فتصبح نظرتك عالية الوضوح تجاه ما يثير إعجابك وما يثير استفزازك، وهذا يدفعك لأن تكون صاحب رأي ومبدأ بلا شك. ونتاجاً لذلك كله ستبدأ بحب واحترام ذاتك وستمتلك درجة عالية من الإيمان والثقة بها وستتعلم المثابرة والتحكم بالأفكار والمشاعر...


ولكن، هل ينتهي الأمر بقراءة هذه الكتب فقط ؟


بالطبع لا، لأن هذه الكتب تمنحك فقط جانب من جوانب تطوير الذات وهو الوعي، والذي يعد أول مراحل الخروج من "منطقة الراحة"؛ فجميع المعلومات التي تكتسبها من هذه المصادر كفيلة بأن تضعك في "مرحلة الخوف" حيث تكتشف أن هناك خطب ما وعليك إصلاحه وتبدأ بإعادة التفكير بحياتك ومعتقداتك وتسعى إلى تغير بعضها، ويطلق عليها منطقة الخوف ربما لهذا السبب، فأنت بعد أن تدرك هذه الأمور الجديدة التي قد تكون مخالفة لما تم تعليمك إياه سابقاً ستدخل في مرحلة من الخوف والضياع والتشتت ولذلك تسمى هذه العملية بالخروج من منطقة الراحة لأن الجهل مريح جداً والوعي هو أكبر مسبب للخوف.


رحلة في تطوير الذات (الجزء الأول)17196955856936214

ولكن بعد أن تدرك كل هذه الأمور سيتوجب عليك أن تكمل المسير مطبقاً ما تعلمته، وهذا هو الفرق بين من يعرفون كيفية تطوير الذات وبين من يطبقونه حقاً. فأنت في هذه المرحلة ستحتاج الجرأة لتجربة أمور جديدة، وإلى الصبر لأن تعاود المحاولة عندما تفشل، وإلى الإيمان بالذات لتواصل المسير؛ فهذه الأمور لا تأتي دفعة واحدة ولكنها تحتاج للتدرب والتكرار عدة مرات.


وبعد المرور بكل هذه الأمور يبقى السؤال:


هل ذلك كل ما في الأمر ؟ هل كل ما يقال في التنمية البشرية صحيح ومحتوم؟إ

وإن كنت أنت سيد نفسك، فمن العبد إذاً ؟


سنبحث عن إجابات لهذه الأسئلة في الجزء الثاني من المقالة بإذن الله...


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

👏🏻👏🏻

إقرأ المزيد من تدوينات سلمى عديلي

تدوينات ذات صلة