" في وداعِ مرحلةٍ أُخرى " أخوضٌ في خاطرةٍ من أولئك بنات القلب علمًا مني بأنها ستكون من الأغلى ؛ و أشاركها معكم هاهنا لأتركُها - كما العادةِ- للذكرى.
غالبًا ما تُترَكُ مسمياتُ الأشياء أسيرةً للكينونةِ أو الأحتواء فيُخلَّدُ الاختراع باسم مخترعِهِ ، وتُذكرُ المعاركُ بمواقعِها وتُنسَبُ الأعمال لأبرزِ فنانيها ؛ وإنْ أردتُ عنونةَ المرحلةِ السابقةِ لغايةِ وداعها بأجملِ وسائلي -كما العادة- لَعنونتُها بعُنصرِها الأجمل : لعنونتُها باسم ( مرحلة الجامعة ) .
مرَّتْ سنواتُ المرحلةِ الأربع مرورًا يبدو سريعًا في بعضِ وجهاتِه وأطولَ في أُخرى إلا أن صفحتا الذاكرةِ والنتائج يتصدرنَّ المشهدَ والحصيلةَ الزمنية الأطول …
فقد مرَّتْ مُخلفةً وراءها أفكارٌ حديثة ترافِقُ تطوراتِها بناءَ ( أناً ) جديدة ، أشخاصٌ تَغلِبُ بهم ما سبقها من حيثُ العدد وتتذيلُهم في حصائلِ العدَّةِ كمؤونةٍ ورفقاء للقادم بعدها ، دروسٌ منها العلمية ومنها الحياتية تكاثرتْ وتعدَّدتْ ليبقى إرثُها حصيلةُ ألقابٍ ونفسٍ جديدة !
وإنْ كُنتُ قد وصفتُ مرحلة الثانوية بأنها الأجمل ، الأكثر شاعريةً وتقييدًا لجزء حاضرٍ لا يُنسى من عواطفي ، فمرحلةُ الجامعة هي الأضخم من جميع الصورِ والنواحي ، لربَّما يَعودُ الفضلُ في ذلك لازدحامها المُبهر أو لاسمها ذو الوصفِ الدقيقِ للغاية فهي فعلًا "الجامعةُ الجامعة " ، أو ربما لكثرةِ الجديد منها ( أماكنٌ جدد ، خبراتٌ جديدة ، أشخاصٌ وغرابيلٌ جديدة وغيرها )
ومع اكتمالِ كُلِّ تفصيلٍ أرتبطَ بها ، تدفعني نفسي بيدِها التي لطالما حَمتْ وسندت ظهري لتقولَ لي: حان وقتُ وداعِها، الآن بالفعلِ حان !
وأستشعرُ ها هنا تردُّديَ للاسبب ، عجزتُ فعلًا عن تحديده ؛ أكانَ لكُرهيَ لتفصيلاتِها غير السارة أو لحُبي الجمِّ لخياطتِها الكاملة بكلِّ تفاصيلها أم أنَّه يعودُ لخوفي من استقبالِ رحلةٍ أُخرى بمجهولٍ آخرٍ قادم !
في النهايةِ أُرجِّحُ كفةَ سعادتيَ برِتاجٍ الجديدة رتاج التي خلَّفتها السنينُ الأربع فأستثقِّلُ إنهاءَ تشريفاتِ استقبالها والخوضُ معها وبها القادم القادم وكأنها عادتي التي لم أستشعر بناءها وبداياتها ، وعلى الرغم من ذاك وهذا فهنا أستشعِرُ صدقَ نفسي ودفعتها وأؤيدها بهز الرأس والقلم فقد حان فعلًا وقتُ وداعِها ..
فوداعًا مرحلتي الأشدُّ رهبةً ، ازدحامًا ، تعلمًا ، أثرًا ، معاركًا ، وانتصارات وأهلًا بالمراحلِ الجديدة بتفاصيلها الدقيقةِ والأدق … الآن فقط حللتِ أهلًا أهلًا وأهلًا !
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات