" كُلُّ بدايةٍ هي نهايةٌ متنكرة أم كُلُّ نهايةٍ هي بدايةٌ متنكرة ! "
إذا ما صادقنا على الحقيقة الوحيدةِ في الجملة السابقة لوجدناها كامنةً في فكرة اتصالهما ؛ فنقاطُ الدائرة متصلة مهما اختلفت مُجرياتُ الرحلة ومع ذلك -وتبعًا للمغايرةِ الكائنة في رواياتنا جمعًا لا على الحصر وعلى خلاف السائد بأنَّ الحقائق لا تُمس ولا تُطعن - فحقيقة الدائرة تقبلُ النقاش ، القسمة وصولًا للرفض ! كأخواتها الأُخريات من الحقائق القائمة ممن تنصبُّ في نهرِ اختلافِ الآراءِ والقناعات المشروع .
وفي انقسام الآراء حول من البادئ ومن التالي اختصارٌ شافٍ عن طبيعة رحلِ طارحِ الرأي وما تشكَّل لديه من الفكرِ والرغبةِ نتيجتها ، فإن استساغَ أن البدايات تتنكر مخلفةً النهايات تحت غطاءها عَلِمَتَه كثيرُ التجارب ، فاقت السيئة منها الجيدة في رؤيته وتحليله فأصبح الشائعُ لديه نهاياتٌ تتنكر تحت مُسمى البدايات الجديدة والتفاؤلُ في أيِّ منها لا طائل منه فهو في المحصلةِ نهايةٌ فحسب واصفًا نفسهُ بالواقعية !
أما وإنْ جاورنا القسم الآخر لمعرفة آرائه ، لوجدناهُ أكثرَ محاولةً ، صبرًا وإقبالًا ، يتهِّم البعض هذه الطريقةَ في التفكير بكونها " طريقةُ السُذج والمُبتدئين " ، راغبٌ بالتجارب يرى كل الرحل متفردة عن بقيتها لاختلاف تفاصيلها لا نهاياتها فقط ، يستقبلُ بداياتها بحفاوة ويُودِعُ نهايات ما سبقها بقلبٍ مُحب لا لحبهِ لها بل لظنِّه بأنها تحمِلُ في باطنها تلك البدايةَ الأجمل فهي في النهاية - في نظره - بدايةٌ تتنكر تحت النهايات !
في الختام فالسؤالان اللذان راودانِك عزيزي القارئ قد راودنني أيضًا فالأول يطرحُ نفسه قائلًا من أنا بين هذا وذاك ؟ أأنا الواقعي مُدركُ النهايات أم المتفائلُ مُسكتشفُ البدايات ؟ وما أجبتُ به نفسي روى أن أيًّا كُنا في الظاهر إلا أننا نضمُرُ في أنفسنا هذا وذاك فنعيشُ كلاهما في كلِّ مرةٍ وكأنها الأولى .
والسؤال الآخر ينطوي على ( ما الاستفادةُ من نقاشِ فكرةٍ كهذه ؟) وما بعد التفكير فجوابيَ يستلقي على أساس الفكرةِ ذاتها فكرة كانت نهايةَ تفكرٍ مُعين وبدايةً آخرٍ بشغفٍ أكبر …. هي نفسها ، نفسُ " الدائرة " وكما قال محمد صادق في روايته هيبتا : ففي النهاية " كلنا بنلف بدواير " ولعلها نفس الدايرة ! .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات