لا تتوقع أبدا أن تنمو و تكبر دون المرور بالألم, و الشعور بالندم, أو أنك ستتعلم دون أن تخطئ...
أعتقد أن مشكلة العودة إلى الماضي ليست هي المشكلة أو السبب المحوري في بؤسنا, المشكلة تكمن في كيفية العودة إلى تلك الذكريات و بأي زاوية نراها أو بالأحرى بأية نية نعيد إحياء تلك الذكريات,
نسمع في كثير من الأحيان أن نسيان الماضي هو شئ لا يمكننا التحكم فيه , فلا نستطيع نسيان حياة كنا نحن من عشناها فكيف لك أن تقطع جزءا من جسدك و تمضي و تنسى دور و وظيفة ذلك الجزء الذي قطعته, فنفس الشئ مع ذكرياتنا كيف نستطيع أن ننسى و أن نمضي في حياتنا و كأننا لم نعش أبدا في ذلك الوقت من الزمن سواء كانت فترة قصيرة أو طويلة, المشكلة هنا أننا ننغمس في الأشياء السيئة التي حدثت و نحاول نسيانها دونما جدوى, و لكن لا ننسى أنه في المقابل ينمحي أو دعني أقول يختفي جزء جميل من ذكرياتنا عوض السئ, أتعلمون لماذا لأننا بدل أن نحاول مواجهة السئ في ماضينا نقرر دون رحمة أن ننسى تلك الفترة كلها و كأننا لم نعشها أبدا و هكذا نفقد أنفسنا و أرواحنا شيئا فشيئا و نظن أننا فقط نحاول المضي قدما.
الان فكرة النسيان في بادئ الأمر يحدث بقرار من عقلنا سواء أردنا ذلك أم لا , فنحن سبحان الله مبرمجون على تفادي الأشياء التي تؤذينا و تجرحنا, و لا ضرر في ذلك ففيه رحمة لنا, و الله تعالى لا يخلق شيئا فينا إلا لحكمة, و لكن إذا نظرنا بوعي أكثر فإن ما يعذبنا ليس الجزء الذي يجرحنا فقد مضى ما مضى, و لكن الحقيقة هي كيف نسترجع تلك الذكريات و متى نسترجعها, و في أي موقف نعيد فيه الذكرى و الألم معا.
أعرف أنني أتحدث الان بكلمات مبعثرة و هذا لأني أيضا بدأت أدرك هذه الحقيقة بعد صراع داخلي كبير للنسيان و جذب الألم لنفسي, السؤال الان هل كنت فعلا أحاول النسيان, هل أعلم أصلا كيف أنسى, من أين راودتني فكرة النسيان أولا,و ما الذي يجعلنا نفكر في العودة أصلا , و هل النسيان هو الحل حقا؟؟؟
ألا يقولون كل شئ يوجد في داخلك, فعلا كل شئ يوجد في هذا الجسد و إن بدا غير قادر على حمل كل ذلك ففي داخله عالم كبير جدا, و الان أظن أنه عندما ذكرت هذا العالم الذي بداخلك فقد فكرت في كل ما هو مؤلم و بدون أن تدرك عدت لماضيك في لمحة , فعلا العودة للماضي سهل و لكن من الصعب العودة إليه بقلب قوي و وعي و رغبة في البحث عن حل, الان سندرك أننا في الأصل لا نعود للماضي من أجل أن نجد الحل و لكننا نعود من أجل شئ ألفناه , نعود لشئ يريحنا و إن كان مؤلما, الراحة و الألم كلمتان لا تجتمعان, يجمعهم ماضينا بسهولة و يشكل دون وعي منا واقعا نعيش عليه تحت مسمى “أنا حياتي يائسة”. أتستطيعون رؤية الأمور الان بنظرة أخرى و لو قليلا؟
أتحدث إليكم و لكن أنا في الحقيقة أخاطب نفسي, أحاول الخروج مني و رؤية حالي من الخارج كي أفهم ما أقوم به و ما أريده حقا.
عندما ألقي نظرة إلى ماضي الان أرى أنني لا أندم على ما مررت به كما كنت أتهيئ لسنوات بل أنا غاضبة فقط مع الألم أكيد و لكن الان لا يهم الألم يكفينا ما ذقناه , أنا الان أحاول إيجاد الحلول لا استحضار الألم, المهم, فهمت أنه شتان بين الندم و الغضب, أنا لا أستطيع حتى أن أفكر في تغيير ما عشته فكل ما أنا عليه الان حدث لاني أخذت ذلك القرار عندما كنت أتألم, أهدافي الان بنيت على ما مررت به و نظرتي للحياة تشكلت في رحلة الالم و التعافي و الاهم أنني الان أحاول التعرف على نفسي و التواصل معها لانني مررت بالألم, و هذا شئ لا يستطيع الجميع فعله بل و لا يفكرون فيه حتى بالرغم من أنه أهم قاعدة في السير على درب الحياة و التعرف على ذواتنا .
فلعل الجرح الذي أصاب قلبك هو المنفذ لدخول النور إليه…
و كيف ستدع النور يدخل و أنت لا زلت تركز على الجرح و كيف سترى و أنت لا زلت تدقق في اثار الجرح؟
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات