وبمرور الزمن ندرك أن ما كنا نخشاه ليس الموت نفسه بل أثار الموت في حياتنا

لن أذكر الأسماء، يكفي أنني أعلم لمن يشتاق قلبي و لمن تحن ذاكرتي !

حين يفارق الحياة شخص عزيز عليك و رغم أنك تؤمن بالقضاء و القدر إلا أنك تعجز عن تصديق رحيله . ايام شهور فسنوات تمر و لا تستطيع أن تمحو ذكراه من عقلك، و أكثر ما يرسخ في تفكيرك هو يوم رحيله و ألم الفقدان ذاك الالم الذي يلتصق بروحك و يتشبت بك قويا. و أصعب ما في الأمر ليس إقناع نفسك بالنسيان بل إقناع نفسك بعدم الإنتظار..

رغم أننا نعلم أن الموت إذا حل لا يعيد من أخذ إلا أنه يخول لنا أنه في أي لحظة سيفتح الباب و سيدخل ذاك الشخص حياتنا من جديد.

الغريب في الامر أنه بعد بضعة أيام من موته تجف دموعنا ، تعود إبتسامتنا ، تهب الحياة في أرواحنا من جديد و نبدا ثانية رحلة الكفاح مع الزمن و كأن شيئا لم يحدث، لكنه في الحقيقة كل شيء تغير و ما عادت الاشياء تبدو كما كانت. قلوبنا صارت مكسورة، أرواحنا شبه مية، الماضي تغطيه الكدمات و المستقبل يلبس الأطمار مازال متشبثا بالعزاء و ألسنتنا لا تستطيع أن تكف عن ذكر ذاك الإسم و الشخص الوحيد الذي لن يسمعنا مهما علت أصواتنا.

بعد رحيله يصبح أقرب إلي قلوبنا، أقرب مما كان عليه حين كان على قيد الحياة لاننا و للأسف لا ندرك قيمة الأشياء الثمينة إلا بعد خسارتها، حتى الذكريات التي نعيش عليها تصبح محملة بالندم: نتحسر على أشياء قلناها و ما قصدناها و نتحسر على اشياء اردنا قولها لكنه لم يتسنى لنا فرصة قولها، حتى اننا نتأسف على بضعة لحظات قضيناها بعيدا عن ذاك الشخص و كأنه الوحيد الذي كان يملأ حياتنا، و بمجرد أن نتذوف خسارة الأشخاص من حولنا حتى ترتج كل علاقاتنا بالآخر لأننا ندرك قساوة الفقدان و تتعرى كل مخاوفنا التي كنا دوما نحاول إخفائها: خوف من الأخر و خوف على الأخر ، خوف من التعلق و خوف من الفقدان ، خوف من الموت في الحياة و خوف من الحياة بعد الموت.!

بعد فقدان ذاك االعزيز كل الأرزاء تصبح خفيفة الأثر ألمها لا يضاهي ألم الفقدان ، حتى المحبة التي كنا نتعطش إليها تجثو في حضرة الموت مهزومة ضعيفة.

وبمرور الزمن ندرك أن ما كنا نخشاه ليس الموت نفسه بل أثار الموت في حياتنا


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أميمة فرحات

تدوينات ذات صلة