ستعصف بك الحياة حتى تفقد الأمل ، ولكن عليك أن تصمد بأن تقف مهما كانت الروح مهزومة ، وسينبت صبرك زهرا

أربعون عاما وهو يصارع الحياة ، يهزمها مرة وتهزمه مرات ، تسحقه دون هوادة ،إلى أن ألقى عصاه أرضا ، فلا داعي لكل هذا فلتذهب الحياة للجحيم ، الطموح والتفاؤل والأحلام فلتذهب كلها للعدم ، لم يعد يأبه لأي منها .

مذ وجد على هذه ( المخروبة ) المسماة حياة وهو يحاول ، يرسم ابتسامة على محياه وكل شيء بداخله يبكي ويصرخ وينتحب ، لم يجن منها شيئا ، وكأن لعنة حلت به يوم ولد ، يحمل خرابه في داخله ويسير مرفوع الهامة وكل ما في داخله مكسور محني .

واليوم أدرك أنه لا فائدة لم يعد في العمر متسع للمحاولات ولا للصراع .

لقد سئمت وتعبت صرخ بصوت مجروح ، لم أعد أريد شيئا .

ارتمى على سريره لا يقوى على فعل أي شيء ، ثم تكور على نفسه ودفن رأسه في حضنه كالجنين ، تمنى لو أنه لم يخلق ، لا يريد أن يرى أو أن يسمع شيئا ، ضربات الخذلان ما زالت تحفر في عقله عميقا ، لا يدري بم يفكر وكيف يتصرف ، هل يعقل أن يمضي العمر وهو يركض وراء سراب ، تبا لها من حياة بغيضة مملة ، بات يكره كل شيء ، لا يريد شيئا من أحد .

اتركوني وشأني لا أريد شيئا ، سأدفن نفسي داخل داخل نفسي ، أريد أن أتصحر أن أصبح صخرة صلدة عمياء ، لا تحمل ماء ولا زهرا ، هكذا إلى أخر الدهر .. تحول جسده تدريجيا إلى صخرة صماء ملساء ، كان ينظر لجسده وابتسامة شامتة تكاد ترتسم على شفتيه ، هذا أفضل لا داعي لمزيد من الألم ، أغمض عينيه ومر شريط الحياة أمامه ، فأخذته الذكرى ليوم مولده والفرحة التي ارتسمت على وجه أمه وهي تحتضنه بين يديها ، اشتم رائحتها وسمع صوت نبضات قلبها ، تمنى لو أنها هنا ليرتمي في حضنها يبثها لواعج قلبه ولكن هيهات أن تعود ، وعلى وقع ذكراها انسابت دمعة من عينه ، تبعها شلال من الدموع ، وما أن لامست دموعه خدية حتى أنبتت زهرا ، وما زالت الأزهار تنمو في شقوق روحه زهرة تلو الأخرى تمسح عنه كدر الحياة وبؤسها .

من قال بأننا لا نزهر رغم كل مواسم القحط والجفاف ، ستزهر شقوقنا وردا ما دام في قلوبنا ذرة من أمل .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

اسعدني مرورك زينب وأسعدتني كلماتك .. لهذا نحن نكتب عل كلماتنا تصادف قلبا مرهفا كقلبك عزيزتي .. دمت دائما ????

إحساس عميق بين كلماتك . عاشت كلماتك وعاش قلمك سيفا يدق وصالي. كلمات مستني بحق لا أعلم لماذا لكن نفسي تمثلت لي هناك بين السطور

شكرا لك على كلماتك الطيبة hamed ??

إقرأ المزيد من تدوينات قلمي / عبير الرمحي

تدوينات ذات صلة