:الحياة لعبة يشتهي بها اللاعبون - ويوما ما وفي لحظة ما سوف تنتهي اللعبة وتظهر نتيجة أدوار اللاعبون وليس اللعبة"

ماذا تعني الحياة73071797430012850



ماذا تعني الحياة لرضيع ، لا أحد يعلم. وماذا تعني الحياة لطفل يلهو علي أعتاب بيته أو بجوار أمه أو أبيه، لا أحد يعلم. وماذا تعني الحياة لصبي شب وانطلق وانطلقت له مباهج الرخاء، مؤكد تعني كل شيئ. وماذا تعني الحياة لشاب امتلك الأسرة والعائلة والجاه والمال، مؤكد تعني كل شيئ. وماذا تعني الحياة لكهل يستعرض انجازاته المادية والعملية والإجتماعية، مؤكد تعني لهه متعة الحاضر والمستقبل القادم. وماذا تعني الحياة لشيخ ينظر وراءه فيجد كل شيئ يمضي، وينظر أمامه فيجد نفسه متعلق بالأشياء التي كانت ولكن بأحبال واهية، مؤكد تعني له كل شيئ قد كان.

وهكذا نري الحياة لكثير من الناس، كل شيئ أو بعض الشيئ أو اللا شيئ. ولكن قد يكتشف الإنسان فجأة وهو في قمة الشعور بكل شيئ أن الحياة لا تساوي أي شيئ. فماذا تعني الحياة لطفل أو صبي أو شاب أو كهل وُلِد أو أصيب بعاهة مستديمة أو مرض عضال أو فتنة ما. مؤكد لا شيئ.

وهناك من اللحظات التي نعيشها ونحن نمتلك كل شيئ، ثم نجد أنفسنا معلقين باللا شيئ. فماذا تعني الحياة لمن تعلق بين الحياة والموت علي طريق بري أو بحري أو بطائرة في الهواء أو تحت تهديد قاتل أو سم أو في خضام حرب أو عدوان. مؤكد لا شيئ.


الحياة لعبة كبيرة ، وكل خلق لدور محدد لتنتهي اللعبة. وقد يكون الدور ثانوي ويكفي شرف الإشتراك بغض النظر عن الفوز. وقد يكون الدور محوريا وأيضا يكفي شرف الإشتراك بغض النظر عن الفوز وإنكار الذات من أجل الصالح العام للفريق اللاعب في الحياة.

والغرض من الحياة ليس اللعبة ذاتها، ولكن مشاركة الجميع فيها وبروح رياضية. ولكن ولأن الكثير من اللاعبين ينظرون إلي الفوز بغض النظر عن طبيعة دورهم ثانويا أو محوريا، فإن الأنانية والإنتهازية تتعاظم وعدم الرضا بالدور يتصاعد. وهنا تختلط الأمور وتصبح الأدوار الثانوية محورية والأدوار المحورية ثانوية. وهنا يشد الناس علي يد من يقع علي شاكلتهم فلا تنتهي اللعبة علي شيئ وإن كانت مازالت لعبة ولكن بلهو دون قواعد أو قيود.

ورغم كل هذا التخبط يصر بعض اللاعبين علي التمسك بدورهم واحترام أصول اللعب والإستمرار ولو كيلت لهم المكائد والشتائم. وتلك العناصر هي التي يرتكز عليها أسباب بقاء اللعبة. وهناك من اللاعبين من ينسحب وسط التخبط دون أن يشعر به المتنافسين علي الأدوار، فيبدأ ظهور أعراض الإنهيار علي اللعبة ولو بعد حين مع بقاء المتنافسين في لعبهم.

وقد يكون دورك في هذه اللعبة كبيرا أو صغيرا أو مابيب هذا وذاك. فقد تكون انت الملك صاحب الحكم والامر والنهي والكل له تابعون وطائعون. وبهذا الدور الكبير والعظيم قد تستمتع بشهوة التحكم في اللعبه ولكن اعلم أنه كلما زاد دورك وعظم كلمة كانت محاسابتك شديدة وعظيمة. وقد يكون دورك أميرا أو وزيرا أو غفيرا. وقد يكون دورك طويلا بطول اللعبة أو قصيرا لسنوات أو شهور أو مجرد أيام أو ساعات. فلو قمت بدور البطولة فك بطلا في دورك وغفيرا في سلوكك، ولو كنت غفيرا في دورك فك بطلا في سلوكك. فحتي لو كنت طفلا صغيرا لم يتخطي عمره أياما معدودة ثم رحلت عن الحياة فرغم أنه لم يكن لك دور قمت به إلا أن وجودك في الحياة لأيام معدودة كان مهما لإختبار أو إلهام الآخرين. فلا تغتر بدورك ولا تحقر عملك ولكن اهتم به وأتقنه.


هذه هي الحياة، لعبة كبيرة ولكن بقوانين وأحكام وبأدوار، من يلعبها بحكمة يفوز ولو بشرف الإشتراك ووسام الإخلاص والجزاء بالرضا عن النفس وهو سر الأسرار. ولذلك فالإجابة المثلي علي سؤال ماذا تعني الحياة لأي منا هو الرضاء بدورنا في الحياة والإخلاص فيه ولو كان محوريا أو ثانويا. ويوما ما وفي لحظة ما سوف ينتهي الدور ليحل محلنا الآخرون الحياة لعبة يشتهي بها اللاعبون - ويوما ما وفي لحظة ما سوف تنتهي اللعبة وتظهر نتيجة أدوار اللاعبون وليس اللعبة

ولأن اللعبة دائما تحتاج حكم ، فالضمير والأحكام السماوية والأعراف هي الأحكام التي تنظم الأدوار ومن يتخلي عن الأحكام يصير مشبعا بالأوهام.

أتمني أن يلعب كل منا دوره أيا كان في كل وقت وفي كل مكان طالما علي قيد الحياة. حينئذ سوف نكسب جميعا وتكسب الأجيال.

خالص تحياتي

د. محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة كلية العلوم جامعة طنطا مصر

اديب ومفكر وعضو اتحاد كتاب مصر


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات د. محمد لبيب سالم أستاذ جامعي واديب

تدوينات ذات صلة