أعتقد أن الكثير منكم لفت انتباهه عنوان هذه التدوينة فأراد أن يقرأها لعله يجد حلا لنسيان ماضيه.

لكن دقيقة واحدة! هل تعتقدون حقا أن الماضي ينتسى؟ هل من الممكن أن نمحو ماضينا من ذاكرتنا و نتصرف كأن شيئا لم يحدث ؟ هذا بالطبع شيئ مستحيل ! الماضي لا ينتسى،الماضي نتقبله،نتعلم منه ، ثم نمضي قدما.


نسيان الماضي يساوي نسيان الفشل،نسيان الإخفاق،نسيان الذكريات الموجعة،نسيان الخيانة،نسيان الغدر،نسيان الذنوب ،نسيان الأخطاء،نسيان التجارب الفاشلة،أو حتى أحيانا..نسيان الحب. نحن نعيش في صراع دائم ،هناك صوت بداخلنا يذكرنا بكل تللك الأشياء،و إن أغمضنا أعيننا نرى شريط العودة...إذا ماذا نفعل؟ ماذا نفعل لكي نتخلص من ذلك الماضي الموحش و نعيش حاضرنا بهناء ؟

بما أنكم كنتم تتوقعون بعض النصائح أو الحلول مني عن كيفية نسيان الماضي ،سأعطيكم فعلا بعض الحلول لكن لن أضمن لكم النسيان فهو مجرد وهم.




ما تنكره في الماضي قد ينتظرك في الحاضر - جبران خليل جبران -

القاعدة الأولى تقول أنه يجب أن نتقبل ماضينا مثلما هو بالجيد و السيئ.نتقبل أننا فشلنا في ذلك الإمتحان الذي ثابرتا من أجله كثيرا،نتقبل أن صديقنا الذي وعدنا بأن يبقى معنا غدرنا في الأخير ،نتقبل أننا أخطأنا في موقف معين و قمنا ببعض السخافات..نتقبل كل شيئ نحاول مسحه من ذاكرتنا لأن محاولة المسح بقوة تعيد الشيئ من جديد.محاولة تقبل الماضي ستخلق فكرة عنه في أذهاننا مغايرة عما سبقها ؛ فبعدما كنا نعتبر الماضي عدوا لنا سيغدو صديقا حميما يشد بيدنا عند الحاجة ليذكرنا بمدى قوتنا و تحملنا.

لا تندم أبداً ، فلو كان الماضي جيداً فهذا رائع ولو كان سيئاً فهذه خبرة. -فيكتوريا هولت-

الآن بعدما تقبلنا الماضي بكل مساوءه نصل إلى القاعدة الثانية، في هذه القاعدة سنقوم بتحليل جميع تلك المواقف و التجارب و نحاول فهمها لنستخلص منها العبر،و تللك العبر ستعلمنا دروسا لا تنتسى،بعض الدروس ستكون قاسية و البعض الآخر لن نتمكن من فهمه،لكن مع مرور الوقت ، سيتضح كل شيئ أمامنا و تلك الدروس ستكون الأكثر إفادة لنا في حاضرنا و مستقبلنا..


ننظف الماضي ، و ننظم الحاضر .. ثم نبني المستقبل -ابراهيم الفقي-


تقبلنا الماضي،تعلمنا من دروسه ،الآن القاعدة الثالثة و الأخيرة تأتي لوحدها أتوماتيكيا...المضي قدما! فبعدما نعقد معاهدة صلح مع الماضي بعد صراع دام طويلا سيتركنا أخيرا و شأننا،صحيح أنه سيحوم دائما في الأرجاء لكنه سيفسح لنا الطريق لنمضي قدما و ذلك الطريق هو من سيضيئه!


في بعض الأحيان يتم سؤال أشخاص في المقابلات "إن عدت إلى الوراء و أردت تغيير شيئ في ماضيك،ماذا ستغير؟" بعض الأشخاص يجيبون "لن أثق في الناس مجددا" ، و البعض منهم يقولون "سأكون أكثر شجاعة و صبرا " أما البعض الآخر فيكون ردهم "لن أغير شيئ،أترك كل شيئ على حاله" هؤلاء الأشخاص بالذات هم من طبقوا تلك الثلاث قواعد فوصلوا لمرحلة عميقة من السلام مع ماضيهم.


لكل شخص يريد أن ينسى ماضيه،أنا أقول لك بصراحة،الماضي لا يمحى من الذاكرة فهو محفور بداخلها ، و العيش في الماضي هو أن تنبش تراب تلك الحفرة حتى تقع فيها.





أخبروني في التعليقات كيف تتعاملون مع الماضي؟

إن أعجبتكم هذه التدوينة اضغطوا زر ألهمتني.

Miss Naina

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Miss Naina

تدوينات ذات صلة