التكرارا القهرى للتجارب المؤلمة و الدخول فى علاقات مؤذية
هناك قاعدة فى علم النفس تدعى "التكرار القهرى" “ Repetition compulsion” و هى ميل بعض الأشخاص لتكرار تجارب تشعرهم بنفس الألم الذى مروا به فى حياتهم.
هل حقاً التجارب اللتى تسببت فى معناة للأنسان يمكن أن يختار بوعيه أو لا وعيه أن يعيشها مئات المرات؟؟
فى الصغر تكون مدارك الطفل فى مرحلة التشكيل فهو لا يستطيع أن يمييز بين ما هو مقبول و ما هو مرفوض من المنطق، بين ما يساعده على النمو بشكل صحى و بين ما يطفؤ روحه. فيأخد كل المدخلات له كأمور مسلم بها.
و فى بعض الحالات تكون تجارب الطفل يغلب عليها الألم، العنف اللفظى و أحياناً أيضاً العنف الجسدى، النقد اللاذع، التأنيب المستمر، التقليل من شأنه، تحقير محاولاته للنمو و الأستكشاف ، كبت مواهبه و عدم أعطائه المساحة الكافية و الأمنة ليعبر فيها عن نفسه ليشعر أنه مرئى، مسموع و مقدر ممن حوله و أهمهم على وجه الخصوص هم واليه لأنهم يلعبون أدوار البطولة فى عالمه، هما كل ما يعرفه عن العالم، و هما النافذة الدى يرى العالم من خلالها.
فتتشكل مداركه و منظوره عن العالم حول مفهوم الألم ، فهو من أوائل المشاعر اللتى ذاقها و هو الشعور الذى أعتاد عليه عقله.
العقل البشرى مصمم أن يترجم كل ما هو متكرر أنه مألوف و مريح أياً كان ما يسببه من مشاعر، لذلك يجد فى كل ما هو مألوف نوع من الأمان فهو لا يحب أن يجرب ما لا يعرفه مسبقاً
أيضاً هذة التجارب المؤلمة المستمرة لسنين طويلة فى التنشأة تعطى الطفل رسائل غير مباشره أنه لا يستحق شيئ سوى الألم، فهو لا يستحق أن يكون له كيان محترم و مقدر و لا يستحق أن يعيش فى راحة، سلام و سعادة.
لذلك يختار عقلنا أن يدخل فى تجارب تشبه ما عرفناه فى بدايه تكويننا بعيداً عن حجم الأذى و كم الخسائر،
ومن هنا تأتى أول بذرة لدى الشخص لميله للدخول فى علاقات مؤذيه تشبه كثيراً تاريخه و ذاكرته و تؤكد له أعتقاده العميق فى عدم أستحقاقه، و دائماً ما يكون مقتنع أقتناع تام أنه لا يستطيع التخلى عن الشريك المؤذى و لا يستطيع أن يكمل حياته بعيداً عن أذاه.
فيصبح الألم مثل المادة الأدمانية فهو يعانى بوجودها و يعانى بغيابها.
و الطريق الوحيدة لكسر دائرة الألم المفرغة و المتواصلة هى تغيير أعتقادنا عن نفسنا أننا لا نستحق، و نبدأ بأخد خطوات نحو أعطاء أنفسنا الحب و التقدير و الأحترام. نعم، نحن نستحق السلام و السعادة، نعم، نستحق الحب و الأمان. نستحق أن نتحرر من ألام الماضى و نأخد مخاطرة المجهول، ما لم تجربه عقولنا و لا تعرفه قلوبنا ، شيئ لم نعتد عليه لكن يجب أن نحارب من أجله
لذلك "نحن نكرر ما لا نشفيه".
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات