لكلّ الذين أوجعتهم قلوبهم و أصابتهم رهبة الاقتراب.

المُثلّجاتُ و القلوب، عنوانٍ غريب، أليس كذلك؟... تُحدِثُكَ ذاتُك عزيزي القارئ بأنّ لا علاقة للمُثلجات بالقلوب؛ لذا تعالَ معي لِنفهم و ندَعَ المضامين توضِحُ العناوين.


بدأت الحكاية حين كنتُ في الثامنة من عُمري ، تُصاب لوزتاي بالالتهابات فلا يكون منّي سوى أن ألوم المُثلّجاتُ!

كانت طوال عمري سببًا لكلّ نزلة بردٍ أصابتني عقب تناولها، ألصقتُ بها العديد من التُّهم و تجنبتُها تجنُبًا لِما يُصيبني إثَر تناولها... إلى أن طلعت شمس الحق، التحقتُ بكلية الطبّ ، و جاء دور العلم لِيُزيحَ غمامة الوهم... علِمتُ في إحدى محاضراته أنّ المُثلّجات بريئةٌ من التهاب اللوزتين و أنّها كانتَ ستارًا تنوارى خلفه الميكروبات و الجراثيم؛ لِتُنفِذُ جريمتها تلك في صمت و لأنّنا نحن البشر كائناتٍ مُعتمِدة _غالبًا _ على الحسّ و الشعور لن نكترِثَ لجسمٍ دقيقٍ لا نراه و لا نشعر به، و سنُلقي اللوم على برودة المُثلّجات التي هوّنت علينا حرّ يومٍ صيفي!


و الحقيقة إنّ المُثلّجات و المياه الباردة و العلاقات على اختلاف أنواعها لن تُصيبنا بالمرض إلّا في حالة واحدة... أن تكون مُلوَّثة!


_العلاقات؟

أجل، يُصاب النّاس يوميًّا بالكسرات و الخذلان، ينطون، ينعزلون، يسطّحون العلاقات و يصغّرون دائرة المعارف و الأصدقاء... يتلقّى الواحد منّا صفعة فيُفضِّل ارتداء الخوذة على تعلُّم فنون القتال، يطاله غدرُ مَنْ حسبه يومًا صديقًا فينفي مفهوم الصداقة بل و وجودها من الأساس، يقع فريسة للخيانة، عدم التوافق و التفاهم، أو شخصًا في قصة لم يكتب لها الله اكتمالًا لسبب لا يعلمه سواه، فينعتُ الحبّ بالأكذوبة و ينسِب لها وجع القلب و إعياءه، و لا ذنب للصداقة و لا للحبّ فيما نُعانيه... و الذنبُ كلّ الذنب للميكروبات و الجراثيم... للاختيارات الخاطئة و الخطوات غير المحسوبة، العلاقات كما المُثلّجات... تهوّن علينا شقاء الدْنيا كما تهوّن الأخرى حرّ الصيف؛ لذا حين تبتاع عزيزي القارئ من متاجر المُثلّجات و العلاقات، ابتَع من أنظف المتاجر ... لتتجنب التهابات القلب و اللوزتين.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

تدوينات من تصنيف صحة نفسية

تدوينات ذات صلة