في الأسبوع التالي لإعلان التشكيل الوزاري الجديد، واجه الوزراء الجدد موجة عارمة من الانتقادات،
في الأسبوع التالي لإعلان التشكيل الوزاري الجديد، واجه الوزراء الجدد موجة عارمة من الانتقادات، وفي مواجهة هذه الأوضاع المتوترة، ألقى رئيس الوزراء خطابًا على شاشات التلفاز ليعلن عن سياسة حكومية جديدة تهدف إلى ترشيد استخدام الكلمات.
وأكد في خطابه أن الحكومة قررت تحديد عدد الكلمات التي يمكن لكل مواطن استخدامها يوميًا، على أن تقدر بـثلاثمئة وخمسين كلمة فقط؛ على أن يستثنى إعلام النظام من هذا القرار.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن من يتجاوز هذا الحد سيتعرض لعقوبات مشددة تتضمن الحبس الانفرادي لفترات تحددها الحكومة حسبما تراه مناسبًا لضمان ترشيد الكلام.
ولم تقف الحكومة عند هذا الحد، بل أعلنت أيضًا عن إنشاء جهاز رقابي جديد يعمل على مراقبة الأحاديث والمحادثات في الأماكن العامة والخاصة، ويضم أفرادًا مدربين على تسجيل ومراجعة الكلمات المستخدمة. بالإضافة إلى ذلك، تم تفعيل تطبيق جديد على الهواتف الذكية يتيح للمواطنين معرفة عدد الكلمات المتبقية لهم في اليوم.
في مساء ذلك اليوم، ظهرت نخبة الدولة والمحللون السياسيون على القنوات الرسمية لتطمين المواطنين بأن القرار يخدم مصلحتهم. وأكدوا أن برنامج الحكومة الجديدة يسعى لتوفير كل سبل الراحة، موضحين أن العامة غير مؤهلين للخوض في شؤون الدولة التي تسعى جاهدة لوضع برنامج يستهدف تنمية المواطن وخلق مناخ مناسب لحرية التعبير. يسعى البرنامج لتحويل طاقة الكلام إلى طاقة عمل تساهم في نهضة الدولة.
بمرور الوقت، وتحت وطأة العقوبات القاسية، استسلم المواطنون للوضع الجديد. أصبحت المدن هادئة بشكل غير معتاد، واختفت الأحاديث الحيوية من المقاهي والأسواق. لجأ الناس إلى استخدام إشارات اليد والتعبيرات الوجهية للتواصل، بينما أصبح استخدام الكلمات مقتصرًا على الضروريات فقط.
في المنازل، تحولت الأحاديث العائلية إلى صمت طويل متقطع بكلمات قليلة مدروسة بعناية. الأطفال تعلموا بسرعة كيفية التواصل دون كلام، وأصبحت الألعاب الصامتة هي الوسيلة الرئيسية للترفيه. في المدارس، اعتمد المدرسون على الكتابة والإشارات لتقديم الدروس، وتحول التعليم إلى تجربة بصرية بحتة.
في العمل، أصبحت الاجتماعات صامتة، حيث يعبر الموظفون عن أفكارهم عبر الكتابة أو باستخدام تطبيقات الرسائل النصية. حتى في المناسبات الاجتماعية، تحول التواصل إلى تبادل الابتسامات والنظرات، وأصبحت الاحتفالات صامتة بشكل غير طبيعي.
مع مرور الوقت، تأقلم المواطنون مع الحياة الجديدة، وأصبح الصمت جزءًا لا يتجزأ من يومياتهم. على الرغم من أن التواصل قد أصبح أكثر تحديًا، إلا أن الناس وجدوا طرقًا جديدة للتعبير والتفاعل، مما جعلهم أكثر ابتكارًا في استخدام الإشارات والرموز.
هكذا، تحولت المدينة إلى لوحة هادئة تعج بالرموز والإشارات، واستمر الناس في العيش رغم قيود الصمت المفروض.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات