كل ليلة، يتمدد على فراشه، ويغلق عينيه محاولاً الهروب من هذا الواقع الأليم. يفتح ذراعيه على أمل أن يشعر بدفء عناق، لكنه لا يجد سوى فراغ يزداد اتساعًا.
في عزلة الغرفة، حيث لا سوى صدى الخطوات الخافتة وأنين الريح المتسلل من الشقوق، يجلس وحيدًا. ينظر إلى الجدران البيضاء، وكأنها مرآة عاكسة لروحه المنهكة. تلك الجدران التي شهدت كل لحظة ضعف، وكل قطرة دمع سالت من عينيه، باتت الآن شاهدة على وحدته التي لا تنتهي.
كل ليلة، يتمدد على فراشه، ويغلق عينيه محاولاً الهروب من هذا الواقع الأليم. يفتح ذراعيه على أمل أن يشعر بدفء عناق، لكنه لا يجد سوى فراغ يزداد اتساعًا. يدور في ذهنه شريط ذكريات مؤلمة، كأفلام قديمة يعاد عرضها مرارًا وتكرارًا. يحاول أن ينام، لكن النوم يرفض أن يأتي. يغمض عينيه بقوة، وكأنه يحاول طرد تلك الأفكار المزعجة، لكنها تعود إليه أقوى وأشد.
ينظر إلى السقف، ويتساءل عن معنى الحياة. لماذا كل هذا الألم والمعاناة؟ لماذا يشعر بالوحدة حتى وهو محاط بالناس؟ أسئلة لا تجد إجابات، تزداد تعقيدًا كلما حاول أن يفهمها.
يخرج من فراشه، ويتجه نحو النافذة. ينظر إلى المدينة النائمة، وأضواءها الخافتة التي تشبه النجوم المتناثرة في سماء الليل. يتذكر طفولته، والأحلام التي كان يحلم بها. كان يعتقد أن الحياة ستكون مليئة بالسعادة والفرح، لكن الواقع أثبت له عكس ذلك.
يجلس على الأرض، ويدفن وجهه بين يديه. يشعر باليأس والإحباط، وكأنه غريق يصارع الأمواج العاتية. يتمنى لو يستطيع أن يختفي، أو أن يعود إلى الزمن الذي كان فيه كل شيء بسيطًا وجميلًا.
يهمس بصوت خافت: "لماذا أنا؟ لماذا أشعر بهذه الوحدة؟". لا أحد يجيب على سؤاله، سوى الصمت الذي يلف الغرفة.
في تلك اللحظة، يتذكر كلمات صديق قديم قالها له ذات مرة: "الوحدة ليست في العزلة عن الآخرين، بل في العزلة عن النفس". يفكر في هذه الكلمات بعمق، ويبدأ في التحليل الذاتي. يدرك أنه كان يهرب من مشاعره، ويحاول أن يخفيها خلف قناع من القوة والتفاؤل.
يقرر أن يواجه خوفه، وأن يتحدث عن مشاعره. يبدأ بكتابة يوميات، يسجل فيها كل ما يشعر به. يكتب عن أحلامه، وآمال، ومخاوه. يكتب عن الماضي والحاضر، وعن المستقبل الذي يتوق إليه.
في البداية، كانت الكتابة صعبة ومؤلمة. لكن مع مرور الوقت، أصبح يشعر بتحسن. كان الكتابة بمثابة وسيلة للتعبير عن نفسه، وللتخلص من الطاقة السلبية التي كانت تراكم بداخله.
يبدأ في ممارسة هوايات جديدة، مثل القراءة والرسم والاستماع إلى الموسيقى. يكتشف أن هذه الهوايات تساعده على الاسترخاء، وتجعله يشعر بسعادة أكبر.
يبدأ في التواصل مع الآخرين، ويشاركهم اهتماماته. يكتشف أن هناك الكثير من الناس يشعرون بنفس ما يشعر به. يجد فيهم الدعم والتشجيع، ويبدأ في بناء علاقات جديدة.
مع مرور الوقت، يبدأ في الشعور بتغيير إيجابي في حياته. يصبح أكثر تقبلاً لنفسه، وأكثر قدرة على مواجهة تحديات الحياة. يدرك أن الوحدة ليست نهاية المطاف، وأن السعادة يمكن أن توجد حتى في أصعب الظروف.
يجلس مرة أخرى أمام النافذة، وينظر إلى المدينة النائمة. لكن هذه المرة، يشعر بشعور مختلف. يشعر بالأمل والتفاؤل. يدرك أن الحياة رحلة طويلة، وأن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن يستكشفها ويتعلمها.
يهمس بصوت هادئ: "سأكون بخير".
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات