كنت أتساءل دوما وأتعجب من أحوال القبائل الكبرى كيف تختفي!وعوائل صغرى كيف تكبروتحكم؟وعشائر عظيمةكيف تتناثركماتتناثر أوراق الشجر في الخريف! حتى أدركت السبب.
لاشيء أعظم من البناء، ولاأسهل من الهدم،لكنّ الفارق بينهماأنّ الأول يؤسس للعمران والحضارة،والثاني يؤصل للخراب والفساد،فكم دولةبُنيت على عائلة متماسكة،وامبراطورية أُسست على قبيلة متآزرة،وكم من ممالك هُدمت لطمع أخ،أولجشع أخت،وكثيرا لفساد ولد،وقدتكررذلك على مدى التاريخ بمالايُعدولايحصى.
لذلك اهتم الإسلام بقضيةالرحم اهتمامابالغًا؛نظرالدورالوحدةوالتماسك بين أفرادالعائلةأوأبناء القبيلة الواحدة،فهي اللبنةالأولى والأهم في بنيان الدولةالعظيم الذي يقوم على مجتمع متآلف متماسك غير متنافر.
فأوصى بصلةالرحم وبرالوالدين والإحسان إلى الإخوةوالأخوات،والأمر بينهم بالمعروف"وأنذر عشيرتك الأقربين"،وتفقدأحوالهم والنصح لهم ونصرتهم في الحق،ولذلك كانت النبوةفي قريش دون قبائل العرب؛لتماسكهاوقوتهاوعصبهاالذي وحده عمرو بن مناف"هاشم"،ومن قبله جده قصي بن كلاب وفهر بن النضر. وأخيراعلى يدحفيدهم الأعظم النبي محمد(ص)،فكانت قريش عصباقوياللإسلام فيمابعد،وقامت على أكتافهاأعظم دولتين حكمتاالأرض الأموية والعباسية.
إنّ غياب الأجدادالعظماء والآباء الأقوياء أمرٌّحتميٌّ بالموت، وتبقى الأركان والأسس التي أقاموهامن بعدهم،فإنْ كانت قويةاستمرت وحدةالعوائل والقبائل،وإن كانت ضعيفةهُدمت،والأسس القوية تُبنى على أمرين:الدينُ،وأخٌ حكيمٌ يجمع إخوته،فإنْ غابَ الدينُ تحاربوا،وإنْ غابَ الأخ تناثروا؛لذلك أدعوكل أب وأم إلى ترسيخ أركان العوائل والقبائل على الأسس التي تديم بقاءها.
التعليقات
الأخوة إلى خصومة والرحم إلى غنيمة هذا الذي كتبته ليس مقالا بل مرآة يرى فيها كل بيت صورته بعد الغياب
بعض الحروف تُقرأ وبعضها يُبنى… وهذا مما يُبنى
ما كنت أظن أن القبائل تسقط فجأة ولا أن العوائل تتناثر هكذا دون سبب لكني حين قرأت ما كتبت تذكرت أن الله عز وجل قال ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون عرفت حينها أن الهدم لا يبدأ من الخارج بل من قلب النعمة حين تُنسى ومن وسط القوة حين يتآكل الرابط وأن أول أسباب الزوال ضعف الدين وثانيها انطفاء الأخ الجامع فلا تنهار البيوت لغياب الجد بل تنهار حين لا يُبنى بعدها شيء وحين تتحول الأخوة إلى خصومة والرحم إلي