هل جربتَ يوماً بأن تخرجَ ومعكَ أحدُ أحبابكَ في البَرد؟ للإستمتاعِ بالتّفاصيل التي تحبونها! التفاصيل التي تغزوكَ فجأة؟ إقرأ هذا النص وأخبرني برأيكَ البنّاء.


الثامن والعشرين من يناير، يومُ الخميس يُجمله أمطارُه الخفيفة اللطيفة، هدوءٌ يَسري بين أشجارِ الليلِ والنهار، زخاتُ المطر تضرب النوافذَ بشدة، رائحةُ الترابِ والهواءِ مُنعشة للغاية، كأن المطر خُلق لكي يُطهرَ الدنيا وَيُصفيها من أعمالنا، يُطهر قلوبنا ويضرب بنا بعظمة الخالق سبحانه وتعالى.


في الجزء الأخيرِ من اليوم قررنا الخروج من المنزل، أنا ومع من أُحب لتَّجولِ في أطراف المدينة, والسماءُ صافيةٌ لكنها سوداء كلونِ شَعرِها الفاتِن، عِطرُها يفوحُ بالأُفق مع نَسماتِ البردِ وأينما ذهبت، تجذبُ الفراشات حولها وترقص بكلِ خفةٍ معها وكأنها إحداها، كان المطر ورذاذُه يرشُ وجهها البّسام، كانت عندما تضحك تتفتح أزهارُ الربيع من وسطِ بياضِ الثلج، إنها مزاجية بطبعها ومُلفتة، عيناها العسليتان اللامعتان إنهما أشبه بشروقِ الشّمس عند الفجر، تعالي إلى هنا ومعي الى الأبد نذهب حيث اللامكان، حيث الهدوء والإنعزال عن العالم، نمضي قدماً، نفعل ما يحلو وما يشاء لنا، نذهبُ الى السينما نشاهد فيلمنا المفضل مع أكل الذرة، نذهبُ الى البحرِ ونشاهد الأمواج تتلاطم ببعضها ونذهب للملاهي ونركب إحداها ولربما نلمس إحدى غيماتنا اللطيفة، لنقضي أجمل الأوقات معاً، ونأخذ بعضاً من الصور والكثير منها لتبقى ذكرى بيننا، أنظر إليها وكأنها ظلي المُلتصق بي في نهاري والملازم بجانبي في ليلي، سوف نبقى على عَهدنا ووعدنا إلى الخلاصِ والنهاية، أليس كذلك؟


قالت له: هل قلتَ شيئاً؟ لقد كُنت غارقاً في كوني بين عَيناكْ.

هو: وهو يضحك يا لكِ من ساذجة يا حلوتي، لا تقلقي فلقد علمتُ الجوابَ بدونِ أن تسمعيني حتى.

هي: بما أنك علمتَ جوابي, فماذا تفعل إذا إنفصلنا في كوكبين مختلفين في الفضاء؟

هو: سوف أركضُ نحوكِ على نجومنا آلاف السنين حتى إن وَصَلَتَاكِ عَيناي فقط، لأنكِ بداخلهما أيضاً.


عند نُزولهما الى الأرض قررا بأن يبيتان في إحدى البيوتِ القديمة أو بإحدى الأكواخ المُطلة على البحر مع الشعور بنسماته اللطيفة, يتناولان العشاء معاً تحت ضوء القمر, آخذاً يَنظرٌ إليها كطفلةٍ صغيرة, يقصُ عليها بعضَ القصصِ والهفوات الجميلة, وبعد الإنتهاء من العشاء, ذهبا إلى النافذة لكي يقومان بالنظرِ الى النجوم وَعَدِها والتمتع بِلمعانها البريق, أخذَ هو يَعِدُ النجوم لأولِ مرةٍ فوجدهم واحدٌ وعشرون نجمة, بدأت هي بالعد فوجدتهم عشرون نجمة.

قالت له: لقد أخطأتَ بالعَد.

قال لها: كَلا, فأنتِ نجمتي الواحدة والعشرون وأنتِ لم تَعدي نفسكِ, فَتبسمت له بكلِ حب, وكأنها فَرَدَت حَيائها بلأرضِ كلها.


وفي طَريقِ العودةِ إلى المنزل, أخذ المطر يَهطلُ بغزارةٍ عليهما, مع شُعورِ السعادةِ والبسمةِ تغمرُ وجههما, ومع رقصةٍ خفيفةٍ بينهما, مع ألحانِ موسيقى فرنسية تتمايلُ معهُما, أكملنا طريقنا بكلِ حبٍ وعطاء, كنا نتحدث ونقصُ بعض الدردشات في طريقنا, وعند إقترابنا للبيت, لاحظتُ عليها بأنها متعبة قليلاً, فأخذت مُتكئةً على كتفي وهيَ تغطُ في نومٍ عَميق, هيَ بأماني وأنا في أمان الله, سبحان من خلق هذا الوجهَ البريء, ووضع فيه الرقةَ وهذا الجمال, وصدقَ من قال "إنهنَّ المؤنساتُ الغاليات" عليه أفضل الصلاةِ وأتم التسليم.


أن تتقاسمَ شعوركَ مع من تُحب ومع الأقرب إلى قلبك هو شيء ظريف وجميل في نفس الوقت, ربما نحظى ببعض هذه السعادة وهذه التفاصيل في أيامنا القادمة, دمتم في حفظ الله ورعايته.

أتمنى أن أسمع منكم رأيكم البنّاء.


بقلم: حمزة تيم.







حمزة تيم

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

على الرحب والسعة❤

إقرأ المزيد من تدوينات حمزة تيم

تدوينات ذات صلة