أنا عصفورة أمي, وخشب ورد أبي, والآن ما عُدت أستنكر هذا، ليس بسبب بُنيتي، بل لأننا بشرٌ..والضعف أصل فينا.
أنظرُ أحيانا لنا من عين الجماد فأتعجب منا..
ليس لأننا نتحرك، نبصر، نتأمل ،نمارس الرياضة ولنا مرونة تخالف الجماد ولكن؛ كيف نُحب ونكره؟
كيف بكلمة واحدة نتأثر؟
كيف أننا من جنس واحد ولكن كل واحد منا له بنان يغاير الثاني؟
وإذا كنتُ مخلوق فطن قليلا، أكثر ما كان سيبهرني هو: الإنسان الصابر..
كيف له أن يتحكم في شهوته وغريزته بهذا الشكل؟ هو عبارة عن شخصان أحدهم يريد والآخر لا.
حرب دائمة..
تظل مشتعلة طول فترة يقظته، أحيانا يكن مصيب وأحيانا يريد الشر فيخالفه الآخر..
حرب لا تنطفأ..
أحيانا يفشل بل ينكب ساجدًا لهواه
﴿أَفَرَأَيتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمعِهِ وَقَلبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَن يَهديهِ مِن بَعدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرونَ﴾ [الجاثية: ٢٣]
وأحيانا يلهمه الله الصبر..
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عن النبي صلى الله عليه وسلم( وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ)
كنت في الصف الأول الإعدادي حين درسنا في مادة المطالعة موضوع "جهاد النفس" كنت لأول مرة أتعرض لهذا الموضوع ولكم الشواهد على أن جهاد النفس أكبر من جهاد الأعداء وإلى أخره.. كان الأمر حينها سهل وترائى لي اتخاذها قاعدة، طويتها بمهل ودسستها في ملف المعتقدات أو في غرفة الدروع، _لعلى الآن أتوهم وجود تلك الغرفة آن ذاك لأن حينها أشك أني كنت على معرفة بأني جديًا مقبلة على حرب_ .
ولكن؛ هأنذا أخوض الربيع الواحد والعشرون، على رأسي أكليلٌ من الورد وعلى خاصرتي غمدٌ، وأستذكر هذا الدرس، أخرج الورقة البسيطة لأراها ففجأة تتحول من ورقة لجمرة!
جمرة أحرقت يداي فأمسيت على يقين تام، مستأصلٌ فيا، يغوص للجذوع، مؤمنة به كإيماني بحُرق الجمرة تلك، بأن: جهاد النفس أشد من جهاد الأعداء!!
تحول من درسٍ كنتُ أنسخه بقلمٍ زهري لحياة لا أعيش سواها..
أمي؛ عصفورتك التي كانت ترفرف أنفة لتخرج من القفص، الآن تتمنى العودة..
أتعجب كيف كنا نرانا أسودًا ونحن عصافير صغيرة!
ليس فقط بعين الأم، لا لقد أقنعتني الحياة بالفعل.. إنه مُعترك لا مرحبا فيه بالعصافير، فقط:
نينجا..
كشافة..
مغامر..
صابر.
عن [أبو هريرة]: المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللهِ من المؤمنِ الضعيفِ وفي كلٍ خيرٌ. صحيح • أخرجه مسلم (٢٦٦٤)
معترك يا أمي سأخوضه أنا ذات الواحد والعشرون ربيعا،مكللة بالزهر وعلى خاصرتي غمدٌ!
أبي أتخشى تعليمي القيادة لئلا يمسني السوء؟!
اطمئن؛ فقط إن لم أتعلم فسوف أموت..
سأموت كذاك العصفور الذي كنت أُطعمه فمات من التُخمة، مات الصغير من شدة هوانه!
لا أقول لسنا ضعفاء، لأني حينها سأنكر حقيقة يقينية ﴿..وَخُلِقَ الإِنسانُ ضَعيفًا﴾ [النساء: ٢٨]
ولكن يجب أن نوظف ضعفنا.. أن نسيطر عليه أن لا نجعله يتملك منا، فقط نتذلل لله لا سواه وهو سيهدينا إلى صراط مستقيم!
أبي: خشب الورد شائكٌ له ربٌ فاطمئن♡.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات