لا تسمح لأحد أن يجعلك ضحية سلطته، ولا تكن ضحية إدراكك، كل ما يلزمه الأمر قرار حازم منك.
يبدو العالم شديد الظلام أليس كذلك؟ كل شيء حولنا يُدِرُ طاقة سلبية؛ أخبار القتل هنا وهناك، حرائق في تلك المدينة، اختطاف وتهديد وابتزاز في ذاك الشارع، وإياك والخطو خارج حدود جدرانك فهناك وباء ينتظرك!
ولكن هل هذا معناه أن العالم أسودٌ في أسود وأن البياض قد مُحي من صفحات كتاب أقدارنا؟
إن زماننا تميز بانتشار الوسائط المقروءة والمسموعة والمرئية، كالصحف والمذياع والتلفاز بمختلف اختصاصاتهم وفروعهم، والتي شيئا فشيئا أصبح هدفها جذب المتابعين والمستمعين بأي محتوى عوضا عن تقديم الحقيقة التي يفترض عليهم نقلها إلى جموع البشر.ولسبب ما، وجد هؤلاء أن بني البشر ينجذبون للمعاناة ولأخبار الدمار أو ما يطلق عليه مؤخرا (تراجيدي)، فكل ما هو تراجيدي يرقق القلوب ويأسر العقول ويجبرها على متابعة أحداث هذه المأساة حتى النهاية. فتجد نفسك - في أثناء سعيك أن تكون شخصا واعيا ومدركا لكل ما يحدث حولك- ضحية لجشع تلك الوسائط، أسيرا لأخبار الدمار حول العالم الذي لم تسلم بقعة من بقاعه من الأذى!
ولا يجب علينا الاستسلام أو القنوع بكل هذا الحزن، فقط لأنك لا ترى الماس لا يعني ذلك أنه لا يلمع! فقط لأن الجانب المشرق من الحياة لا يُعرض لا يعني ذلك انه غير موجود.
إذا سلّمنا بحقيقة ان بني البشر ينجذبون للمأساة والمعاناة، يجب علينا حينها أن نُقِّرَ بأن الملل هو الشبح المسيطر علينا والمحرك لنا، فمللك هو الذي يدفعك إلى القيام بما يدفعه ويبعده عنك، وهنا يأتي دورك بأن تختار أداة دفع الملل عنك وألا تسمح باستغلال مللك من قِبَلِ من لا يرون فيك سوى وسيلة لجني الأموال.
غالبا ما يكون تأثير السعادة لحظيا فنُخدع بأن الحياة أساسها الحزن والخمول وربما يفسر هذا انجذابنا إلى تراجيديات الأخبار والأحداث وانصرافنا عن محاسنها؛ ظنا منا واعتقادا راسخا بأن السعادة إلى زوال لا محالة.
والأصل في الحياة ألا تؤول إلى حال واحد؛ بل هي أحوال متبدلة ومتغيرة ومتقلبة، وحالك فيها يعتمد على مدى تقبلك لهذه الحقيقة وكيفية تعاملك معها وإدراكك أنك لك الحرية بأن تجعلها جحيما أو نعيما، وما مُنحنا هذه الحرية إلا لتزيد هذه الدار صعوبة!
اعلم أنه مهما بلغت مصداقية الخبر الذي ينقل اليك فهو لا ينقل الا جزءا من الحقيقة، وجزءا من صورة أكبر التي بدورها جزء صغير جدا من عالم واسع. وإذا لم تنقل لك الأخبار محاسن الدنيا احرص انت على الالتفات اليها، وإذا لم تجد حولك من الدنيا ما يعينك على مواجهة أخبار الدمار، اخلق في داخلك عالما آخر يعينك على ذلك.
اعلم أنه على الرغم من حرائق الغابات إلا أنه مازال بإمكانك غرس شجرة، وعلى الرغم من تيتم الأطفال إلا أنه مازال بإمكانك أن تريهم عطفك وحنانك، وعلى الرغم من أحداث القتل والتشريد هنا وهناك إلا أن لديك صديقا مازال بجانبك.
كل شيء يتوقف على قرار واحد منك، قرار بأن تغير إدراكك لكل ما يجري حولك. التفت للمعان الماس وتناسى أن أصله فحم أسود!
التعليقات
بجد عظمة ❤️❤️