خدعوك فقالوا "الاهتمام مبيطلبش"، سامحهم الله كم أضاعوا عليك من فرص ثمينة مع نفوس أثمن!


كانت هذه هي العبارة الرئيسية التي جرت وراءها عبارات أخرى مثل "مينفعش اقولك تعاملني ازاي" أو " إذا قلتلك أنا عايزك تعاملني ازاي مش هيبقا ليها طعم" أو كما قالت فريدة كاهلو لزوجها في ختام رسالة له:

“because if I have to ask you, then I don’t want it anymore.”

ثم جرّوا وراءهم ما نشاهده من كتمان للمشاعر وتجمد للحواس أو على العكس، حساسية مفرطة غير مبررة، وكل هذا لماذا؟ لترفعنا عن استعمال جوارحنا التي وضعها الله فينا.


تسوقنا الأقدار لتتقاطع طرقنا مع بعضنا البعض، نتعارف كما هي سنة الحياة، وبعد هذا التعارف تتشكل العلاقات وتأخذ كل منها منزلتها في نفوسنا؛ سيكون هناك من تقف قصتك معه عند حد التعارف، وآخر تصل معه منزلة أعلى فيغدو صديقا، ومنهم من يغدو أعلى فيصبح رفيقا ثم أنيسا. وليس في يدك شيء يجعلك صاحب قرارِ في أي منزلة تضع أيا منهم، إنما هي الروح، تستريح فتألف فتأنس فتأمن.


وتآلف الأرواح على جلالته لا يضمن فهم الانسان إنسانا آخرا فهما كاملا؛ فنحن لسنا أرواحا فقط، أرواحنا تسكن جسدا يحوي عقلا وهبه الله أفكارا شتى، والتي بدورها تميزنا عن بعضنا البعض، إلا أنها لا تظهر على ملامحنا، بل يجب علينا نحن اتخاذ خطوات جريئة لإظهارها متى اقتضى الموقف. وهذا التآلف يتبعه لزاما ألفة العقول، وليس بالشرط توافقها؛ ألفت روحي روحك فاطمأن قلبي، وأنس عقلي بعقلك على اختلافنا فأضفت لي ما لم أكن سأضيفه لنفسي.


وتآلف الأرواح؛ لمّا كان يبعث على النفس الطمأنينة، يجعلك ترغب في استمرار هذه الطمأنينة، ورغما عنك سيعلو سقف توقعاتك من أنيس روحك، ورغما عنك ستغفل عن كونه بشرٌ مثلك، لم يطلعه الله على الغيب، ولم يجعله ملكا مطلعا على الخبايا. ستريده متنبئا بسكناتك وحركاتك، بأفكارك وأحاسيسك، بمواضع مسَّرَتِك كلها وأسباب غضبك، ولكنه لن يفعل، ليس لانعدام رغبته بأن يفعل، بل قد تكون رغبته أبلغ وأعمق وأشد من رغبتك، ولكن لانعدام قدرته على ذلك.


لهذا فإن التواصل هو الحل. إذا وجدت روحك أمانها في شخص أو شخوص، ثم أرادت أن تحتفظ به إلى الأبد، فعليك أن تتنازل عن غرورك قليلا، وتعود لفكرة أنك بشر، وهبك الله عقلا ولسانا، وتتواصل مع من هم حولك، ساعدهم أن يعرفوك لتعرفهم. ليس عيبا ولا ينتقص من قدرك في شيء أن تعبر عن رغباتك ومكنونات صدرك، فأولئك الذين يعرفون حق المعرفة ماذا يريدون في الحياة هم الأقوى، ومعرفتك رغباتك وتحديدها ثم التعبير عنها هم أقوى ثلاث دلائل على القوة والوعي والنضج العاطفي، فلا تخجل من أن تكون قويا!


وإذا كان التواصل هو الحل، ولأن كل ما هو متبادل مستر، ولأنك قمت بدورك على أكمل وجه؛ فإن التفاهم والتفهم هما الاستجابة المرجوة. يخلط الناس كثيرا بين التواصل والتعبير عن رغباتهم وآمالهم في علاقاتهم وبين توسل الحب وانعدام الكرامة والكبرياء.


أولا وقبل كل شيء، عليك أن تعي أن كرامتك وكبريائك من كبرياء من تحب والعكس صحيح، حينها يكون من المنطقي أنه لن يسمح لأي شيء أن ينقص من كرامتك كما أنك لن تفعل أي شيء يجرح كبرياءه، وعليه يصدق حبكما. لذلك، عندما تعبر عن أفكارك، وعن آمالك وتوقعاتك، يحتضها أنيسك بكل رفق، لن يشعرك بالحرج أمامه؛ فهو يعي تمام الوعي سبب فعلك هذا، ويلمس فيه رغبتك في الإبقاء على المودة والأمان، ويعلم من خلال ذلك رغبتك في أن يبقى بجانبك إلى ما شاء الله، وإلا ما كنت ستبذل هذا الجهد في سبر غور قلبك. سيتفهم وسيتواصل معك على قدر تواصلك معه، سيرى جهدك في الحفاظ عليكم، وسيضع جهدا مكافئا لمكانة علاقتكم عنده.


وإذا فعلت كل هذا عن طيب نفس وحسن نية، ولم يُقابَل تواصلك بتفهم وتفاهم، توقف، وها هي تعازي قلبي إلى قلبك لأنك أخطأت الوجهة هذه المرة.

تآلف الأرواح جميل، والحب مسئولية راقية، ولكنك لا تستطيع أن تبحر في عرض البحر مع حادي إبل، لا تستطيع أن تتحمل علاقة ليس فيها الطرف الآخر على نفس القدر من الوعي والنضج العاطفي، لن تستطيع أن تتحمل علاقة مع شخص يدعي أنه أصم وأبكم.


وبناءً عليه، حارب من أجل علاقاتك كلها -ما خلت من الأذى- المحبة تستحق، الطمأنينة تستحق، العشرة تستحق، أبديتنا الصغيرة تستحق. قرار واحد واعٍ منك، يغير شخصا من كونه عابرَ سبيلٍ في قصتك إلى رفيقٍ في كل فصولها.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

شابوه ع الكلام الجميل جدا ده المقالة جميلة🤍🙆

إقرأ المزيد من تدوينات همسات| فاطمة وائل

تدوينات ذات صلة