البحث عن الهوية نقلة شاقة في نضج الوعي، بل الغريب أنها لا تنتهي إلا إذا كففنا عن إرادة الوعي
هذا السؤال من كثرة ما طرح نفسه على نفسه صار أشبه بكلاشيه التي تزحمنا حيثما توجهنا قراءة واستماعا!
وعلى مدى السنوات، فإن هذا السؤال كان محاورات أختبر أطروحاتها لأتبين على أي شاطئ أرسو من معرفة "أناي"، فهل تراني وصلت؟!
أيام الدراسة، كانت الشهادة العلمية ترسم في وعينا صورة المفتاح السري الذي سيفتح لنا مغارة علي بابا، مع أنه ما من دليل على أنه هذا المفتاح سيحرر قفل أنفسنا ويفتحها على الحياة.
ومع العمل، كان حلم التوظيف والارتقاء في الرتب والخبرات يوحي لنا بهناءة الاستقرار، و أننا عندما نتقدم في العمر سنجد مدخولا جيدا نعيش منه. إلا أنه ما من شاهد على أن الخبرة العملية هي عملية فعليا في مجال فهم ذواتنا.
وفي الحب! نعم، الحب بوابة النور التي عبرها نرى أنفسنا كما هي: شفافة، ذات مشقة، ومغفور ذنبها.ولكن هل ينجح الحب حيث فشل غيره في أن يصلنا "بهويتنا"؟
الهوية، مسألة خاضت فيها العلوم من عدة أطراف: البيولوجية، الفيزيائية، النفسية، الاجتماعية،و الفلسفية. ورغم كل ما قُدم وما يزال يتراكم في اكتشافات في الهوية، لكن تظل "هويتنا" مخلوقا هلاميا يرشح منه ضوء خفيف يذكرنا بأننا هنا، دون أن يكشف لنا من نحن تحديدا.
ما خلصت إليه – شخصيا – أن لا العلم، ولا المهنة، ولا العلاقات من شأن أي منها أن يعرّفنا على أنفسنا، أي أن يكشف لنا عن هويتنا.فالهوية امتداد، وما صفته الامتداد يصبح من الخطورة ضبطه وتقييده في المحدّدات، سواء أكانت هذه المحددات طبيعية أم صناعية.
فما السبيل إذن، هل نظل ندور حول أنفسنا دون أن نعرف هويتها؟
والجواب، نعم، استمر في الحركة وليس الدوران.
احرف الخط بدل أن يصبح دائريا حولك، اجعله منطلقا منك، ليرسم خطا مستقيما مبتغاه أن يصل إليك يوما. وأينما امتد هذا الخط فإنه سيظل الأقصر والآكد في أن ينتهي بك، فالخط المستقيم هو أقصر الخطوط الواصلة بين نقطتين.
وهذا يعني أن عليك أن تحدد النقطتين: ابتداء وانتهاء، ثم تترك الخط يرسم استقامته زمانا وحالا وظرفا بنفسه.حدد من أين تنطلق في شأنك، ثم ضع الغاية التي تريدها في بالك، وستجد نفسك وإن أخذك الضياع تعود إلى مسارك، أي إلى خطك المستقيم ، أي إلى هويتك.
إنه عناء، ولكنه جميل.
;كي تصدق أنفسنا
لا بد أن تجربها أولا!
أريد أن أتصل بالمصدر
ذاك الذي يمدني بالحياة
أريد أن أتحدث بوجه ما
أن أقم بعمل مناسب لي!
أي شيء يعوزنا لأن نتحمل الأحقاد الفاترة
تلك الخارجة على رحمة الإجماع!
ولكني في كل مرة أعود.. من حيث ابتدأت!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات