سلسلة تدوينات تفاعلا مع التوعية بالعافية من سرطان الثدي في شهر أكتوبر

(8)


حال "التشتت" أصل في التكوين الأنثوي، إنها ليست بحال نقص، إنما هي بؤرة حيث تخرج الأنوثة من ذاتها لتنظر إلى كل الأيادي التي تجتذبها، ثم تمارس التفكير في موقعها: "أيَّناها" منها كلها! هي إذا، لحظة التوازن ولملمة البعثرة التي رزحت تحت ثقلها الأنثى إما نتيجة الواجبات المضنية، أو تخلصا ملاحقة الظنون الأنانية التي لا ترى في الأنوثة سوى محطة تفريغ تعاسة الأقدار.

وعليه، فإن إعطاء الأنثى وقتا كريما خلال عيش حال التشتت، هو صحة كاملة تطلبها.


إن الكيان الذي يمتص الانفعالات ويطلقها بنفس الحِدّة والآنية، يصاب بالإجهاد السريع كنوع من الفوضى التي تنتهي بالنظام. فالهبة الأنثوية تأخذ الأمر كله، أو تتركه كله، و"كله" هنا جهد استيعاب للجوانب المادية والمعنوية، والظاهرة والباطنة للظرف القائم. ومع كل التقاط يتم عمل معالجة متداخلة للأفكار والسلوكيات والعواطف والأخيلة والتوقعات المنفعلة؛ كل ذلك في حساب غير مقيس من الزمن، إلا أنه قائم يجري في حيز ما داخل الأنثى.


وقد نتفهم التشتت على أنه ميزة لا نقيصة، حين نضع أيدينا على النتائج! إن المخرجات تتميز بالشمولية والتفصيلية، حتى لجوانيات الموقف، مما يجعل عمل الأنثى يحاكي "تشكيلها"،و لا ينطلق كآلية أداء وحسب.

وليس – من الضرورة بحال- أن ميزة حال التشتت إنما تأتي تكيفا أو مساعدا على الدفع بوظيفة الأمومة، كما قد درجنا أن نتمحور في خصائص الأنثى حول وظيفة وحيدة هي الأمومة! لكنها ، أي التشتت، مركبة في أصل الخِلقة ولا يتوقف ظهورها على دور "الوالدة"، ذلك أن الطفلة تمرّ كذلك بهذه الحال حينما ينغلق عليها فهم مسألة رياضية في الصف الابتدائي أيضا!


الهِبة الأنثوية (8)34411394224393988




وحال التشتت حال مستقرة وتجدد من نفسها في آن، فمع كل نمو شهري يضطر الكيان الأنثوية أن يبدّل من ذاته، فإنه يأوي إلى حال التشتت ليمنح الأنثى وقتها في إنضاج المرحلة.

ثم مع العروج في المراحل العمرية – بحسب أي تقسيم شئنا- تحضر حال التشتت لتكون بمثابة السكون المظلم الذي يمهّد للمجهول القادم لا محالة.

في قانون السوائل، فإن ثمة نقطة في سطح السائل تحافظ على ثباتها حين تضطرب كل طبقات السائل، ربما هي مركز الموجة، الذي ما تلبث أن تتلاشى حوله الانكسارات ليعود سطح الماء رائقا. وللأنوثة السائلة شبها بالماء الذي ما إن يعتكر حتى يجهد في استعادة صفائه، فيذر ما يذر في القاع، ويرفع ما يرفع على السطح حتى يوصله إلى بر الأمان.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات غادة عبدالله

تدوينات ذات صلة