إذا مات الضمير الإنساني وفنت مشاعر الأبوة والرحمة والمحبة

ليمون ليست للبيع.. و ليست ملكا لأحد .. ولكن للأسف مازال العالم يعيش في حالة فوضى و جهل لدرجة تجعل من بيع الأبناء و الاتجار بيهم أمرا طبيعيا .. نعم هناك في اليمن في ركن ما من هذا العالم الذي صدعت أصقاعه في هذا القرن من الزمن بالأصوات المناهضة لكل أشكال الاضطهاد و الظلم و العنف ضد المرأة و الطفل و هرولت المنظمات فيه منادية بحقوق الإنسان، إلا أن تلك المناطق المجهولة والمخفية عن الأعين مازالت تحت سيطرة الأفكار والعادات الغريبة التي تشيؤ المرأة .. ليمون لم تكن الأولى و لن تكون الأخيرة في عالم المتاجرة بالبشر مالم يتم البت في مثل هذه السلوكيات التي ترقى إلى مصاف الجرائم .. ليمون التي لم تتخط عقدها الأول من العمر تعامل مثل كيس من البطاطا أو القمح من قبل والدها الذي لا يمكن القول عنه سوى أنه لا يستحق هذا اللقب العظيم .. يبيع فلذة كبده مقابل مبلغ زهيد كي يسد نفقة طليقته و مازاد الطين بلة أن العملية تمت بطريقة قانونية ووثائق حكومية، فيا للعار و يا للوحشية .. لكن لم تكن وحشيته عنفا أو قتلا، لكن هذه الوحشية النفسية ستطارد هذه الفتاة طول حياتها وستظل تسائل نفسها كيف يكون الأب متجردا من العاطفة والإنسانية وكيف تكون بخسة الثمن لديه إلى هذا الحد.


ردود الأفعال كانت غاضبة وحادة وهو مايتوجبه الأمر حيال هذه القضية التي تعتبر وبامتياز قضية رأي عام و قد عبر مستخدمو مواقع التواصل عن استنكارهم من خلال تداول وثيقة البيع التي تدعم الاتجار بالبشر وتحيي زمن العبودية وترسخها .. فمتى أصبح هذا الإنسان عبدا وسلعة تباع وتشترى وقد كرمه الله على سائر مخلوقاته؟ ومتى أصبحت فلذة الكبد لا قيمة لها في حياة أب كهذا؟ في حين يضحي غيره بالغالي والنفيس من أجل إنجاب طفل يحبه أكثر من حبه لنفسه.


ممارسات إجرامية وراءها الكثير والكثير من الخلفيات والمبادئ الخاطئة التي غرست في اللاوعي المجتمعي في الوسط اليمني وفي غيره من الأوساط في أنحاء المعمورة .. الفقر و العقلية السائدة .. غياب المنظومة التعليمية والدعم النفسي والتنشئة غير السوية وغيرها من العوامل التي من الممكن أن تجعل القلب يقسو ولا يكترث ولكن لا مبرر أبدا ولا في أكثر المجتمعات خشونة وصلابة يمكن أن يدفع أبا لاسترقاق ابنته ومهما يكن من أمر فإن غريزة الأبوة والأمومة تقف أمام كل الظروف وتواجه الدنيا بأسرها.

ليمون تمت إعادتها إلى والدها وإبطال وثيقة البيع لكن السؤال هنا هل يستحق هذا التاجر أن ينعم برؤيتها مرة أخرى و أن تعيش معه وتناديه.. بابا ؟


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات إسلام عيفة: صحفية ومدققة لغة وكاتبة

تدوينات ذات صلة