الكاريكاتير وسيلة للتعبير الحر مثل الكتابة فهما يكشفان ويفضحان الواقع إلا أنهما يختلفان في الطريقة، فالكتابة تعبر بالكلمات والكاريكاتير بالألوان والأشكال.


هو الفن الساخر والمعبر بطريقة أخرى مختلفة عن الكلمة لكنها تنبع من المصدر ذاته .. العقل و القلم وإن أشد ما يجذبنا إلى الكاريكاتور إضافة إلى كونه يصف الواقع بكل أحواله وأوضاعه بسخرية سوداء، فإن ملامح رؤساء العالم تبقى الأكثر تعلقا في الذاكرة وملامح شخصية معينة في فن الكاريكاتور لا تعتمد على تصوير ملامح الوجه وتسليط الضوء على عضو معين لأجل السخرية ولكن هذا العبث المقنن والمقصود ينطوي على رسالة لا يمكن فهمها أحيانا لأن الكاريكاتور مثل الكتابة فن نخبوي يحتاج إلى قراءة معمقة أو ما يسمى بقراءة ما وراء السطور.


أظن أن فناني الكاريكاتير ليسوا مجموعة أشخاص سطحيين وساذجين يريدون التسلية والسخرية من خلق الله، بل هي سخرية في الواقع من بشاعة القلب لا القالب ومن خبث المكنون .. سخرية من الدكتاتورية والجشع والتكالب على السلطة .. سخرية من واقع مرير لمجموعة من الناس يعيشون داخل رقعة تسمى الوطن أو شبح وطن، فلا يبقي المتكالبون على الكراسي فرصة لمواطن بسيط أن ينعم بأمن أو عيش كريم.


إنه الفن المشفر والمغري بالتمعن .. التمعن في البطن المتدلية الكبيرة التي تصور الجشع والطمع المرضي لدكتاتوريي العالم في التمسك بكرسي السلطة والأنف الكبير المنتفخ من الأكاذيب الممتلئة بها تلك الخطابات الخشبية أمام الشعب المغرر به و العينين الجاحظتين والنظرة الحادة الدالة على خبث النوايا والفعل الذي يختلط فيه دم المساكين بدموعهم، أما الكفين فصغيرين لم و لن يجمعا في النهاية شيئا من هذه الدنيا، رغم كل ما حصلوا عليه والأرجل بالكاد تحمل الأجسام لصغر حجمها ..يهرولون بها عبثا خلف أوهام النفوذ والمال والسيطرة ولا يسارعون إلا إلى حتفهم.


هكذا تبدو معالم الكاريكاتير النمطية، فمهما كان موضوع الرسومات تبقى هذه الملامح قارة وهذه الصورة المتخيلة و المبالغ فيها بشأن أوصاف هؤلاء الزعماء تعبر في الواقع عن صفات يكتسبها كل من أخذه سحر النفوذ الذي يذهب العقل و يأخذ اللب .. تعبر عن نموذج موحد تقريبا لكل حاكم مستبد وما يكون الحكم في تاريخ البشرية إلا استبدادا .. صورة تخفي آلاف الكلمات وتختزلها.


هو فن ربما يفهمه الكثيرون فهما مختلطا، فليس الفنانون من يعيبون خلقا للخالق، فصديقنا الفنان رسام الكاريكاتير يتغلغل في روح كل شخصية ويطرحها خارجا حتى تظهر على هذه الشاكلة من القبح وأقول لكم أن هذا ما كان إلا منظوري الخاص للصورة الكاريكاتورية التي يحظى بها كل دكتاتور مارس ظلمه وعشق سلطته .


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات إسلام عيفة: صحفية ومدققة لغة وكاتبة

تدوينات ذات صلة