الأحداث و القضايا اليومية والغوص فيها تجعل المرء مستنيما للواقع عاجزا عن الإنتاج فيه ، هذا ماتفعله المواقع الإلكترونية حيث تسلب المرء وقته جهده و تفكيره

وحل المواقع


الإنسان يملك كمية معينة من قوة التفكير، فينبغي للمرء أن يكون حاذقا في صرف طاقته الذهنية في المواد المجدية، يقول ابن القيم في كتابه الفوائد: "أصل الخير والشر من قبل التفكر، فإن الفكر مبدأالإرادة"


تلك الجولات الخاطفة التي يأخدها الشخص في النظر بآخر المستجدات ظنا منه أنها لا تتجاوز الدقيقة ستمر عليها الساعات وهو ينقر هنا وهناك من صفحة إلى أخرى ومن خبر إلى آخر ومن حادث مميت إلى أنظر كيف تصبح إوزة تبيض،


ثم تشده نيران التعليقات على األحداث حتى ينشأ نقاش لا نهاية منه وتصبح الدقيقة تلك بالساعة الرابعة أو الخامسة فجرا، القضية هنا ليست قضية تبديد الزمن على منصات التواصل الإجتماعي والمشكلة ليست في إدمان تلك االألواح اللصيقة إنما المشكلة والقضية قضية إدمان المحتوى ذاته ومانوع هذا المحتوى!،


وهل هذا المتصفح هو متقص للألخبار فقط أم كائن مراقب متفرج منجرف ومطارد للمهاترات والقضايا الصغيرة الفارغة؟.


دورانه اللاواعي داخل هذه الأوعية الشبكية تجعله شخصا منفصل تدريجيا عن الواقع وعن عمله وإنتاجه لأنه ببساطة قد غادر معامل الإنتاج وتحول إلى رفوف التسوق وأي سلع رخيصة قد تراهن عليها،

هذا الشخص المستنيم للواقع أصبح أو هو في الأصل شخص ذو فكر أفقي محدود لم يعايش تجارب المنجزين في العلم والثقافة والإصلاح ولم يلاحظ تفاصيل كدحهم هذا ماحوله إلى كائن مراقب يتوهم أنه يتابع ويلاحق الأخبار من أجل الوعي بالواقع إلا أنه مجرد كتلة تتفرج من مدرجات الجماهير،


أصبحت المعلومة لا تتجاوز قشرة رأسه لأنه منهمك بالتعليقات السخيفة.


هذا الإضطراب أو الإنفلات الشبكي هو انقلاب في استثمار خيرات هذه الشبكات فهذه الشبكات لديها محتوى مختلف ومتعدد يحتاج شخص يميز بين أصنافها بين الإنتاج والمتابعة المتفرجة من أجل ملاحقة أخبار وفضائح وأخطاء الناس والإنشغال بما لا نفع فيه،


فهذا الوقت الذي يقضيه في الرد على التعليق كان يفترض أن يوجه انكبابه وتركيزه الأساسي في استثمار لحظاته الثمينة التي تشكل ثروة لا تتكرر إن غابت شمسها خصوصا إذا كان هذا المتصفح في زهرة عمره يملك صفاء ذهن وقلة أعباء وبأول مراحل حياته الذهبية للتحصيل العلمي فهي قفزة لمرحلة العطاء والبث التي يكون فيها قد حقق أغراضه اتجاها وكما وكيفا.


من الخسارة أن يتم إحراق طاقة التفكير في أحوال الناس بدل أن يتم تركيز مجهر التفكير في الموضوعات النافعة والهب والمسارعة في التهام القصص السخيفة التي تفوت على المرء فهم الواقع لأن فهم الواقع يجعلك تختار المحتوى الأدق في المواقع.

جهيدة زاوي


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات جهيدة حسين زاوي

تدوينات ذات صلة