ما هي الا رحلة،، وقت محدد تقضيه من نقطة لاخرى، محطة الوصول تنتظرك دومًا
لا شيء يثير عواطفي كرؤية العجائز
فقد صادفت عجوزاً في حافلة أشبه بالفارغه
في الحقيقه سعدتُ بذلك لأنهُ لنْ يمنعني رأسُ أحدِهم من مراقبة ذلك العجوز بِبنطاله الذي يفوقه طولاً و قميصه المرقع وتلك الحقيبه التي اخذت من الدهرِ نصيباً
وربما قد يتسلل الى اذهانكم أن التحديق في الآخرين ليس من الأدب أُوافقكم الرأي، لكن ما شاهدته كان بمثابةِ درسٍ لمده خمس دقائق ،، في حافلةٍ عامة لا في القاعه الصفيه و بين ثنايا التجاعيد لا بين صفحات الكتب،،
كان العجوز يجلس على طرفِ الكرسي يُمسك بحافةِ النافذه بإحكام ونظرهُ يمتدُ إلى ما خارج النافذه، وكأنه يرى تلك الأرصفة المهترئة وأعمدة الكهرباء المتهالكه لأولِ مره بابتسامة تشعرك أنك تتجول في إحدى المدن الأوروبية
وبينما كدتُ أن اخترقه بنظري رأيتهُ يرفعُ كفَّ يده وكأنه يلقى التحية على أحدهم فالتفتُ حولي لم يكن هناك أحد
مددت نظري إلى النافذه المجاوره للعجوز لأرى لما يرفع كفه و إذ بنا نمر بجانب مقبرة
فعدت بنظري إلى العجوز لأرى أنَّ كفه ما زال مرفوعا ، و عيناهُ الغائرتان تقطرانِ حزناً
همس بصوتٍ خافت نتجاوز المقبرة لا الموت
ادركت حينها ان ما رفعه ليس كفه
بل ما هو إلا كَفُ الحياة ونحن نعيش عليه جميعا
نحن نعيش على كفّ الحياة حتى تاتي رياحٌ تنتشلنا و نتساقط من على كفِّ الحياةِ فرداً تلو الآخر كقطع الدومنيو المتتاليه كلنا نعلم أنه سيحين دورنا
لكن الفرق بيننا وبين الدومينو ان حجرها يبقى في مكانه ينتظر السقوط أما نحن فننتقل من عُقلةٍ إلى أخرى نبحث عن حياة تلائمنا … حتى نسقط ويبقى كفُّ الحياةِ فارغاً بعد أن اجتاحهُ طوفانُ السقوط .. ويغلقُ الكف ليفتحَِ كفٌ آخر
دائما ما يكون هنالك كفٌ في الانتظار !!!
لكن فكرة السقوط للمجهول هي ما قد تكون مؤلمه احيانا..
وقف العجوز بظهره المحني مُعلناً انتهاء الدرس
استدار نحو مخرج الحافلة
رفع بنطاله
ومضى ،،،
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات