تعيش معنا الذكريات ما حيينا، وتبقى للأماكن المميزة زاوية لا تُنسى، كذلك هي المدرسة لدى أبناء القرية
تمتلك المدرسة في وجدان أهل القرية مكانة خاصة ،حظى المعلم بمحبة جميع أهل القرية ويسرعون في استقباله وخدمته أثناء تواجده في القرية لتعليم أبنائهم .
تكرس المدرسة لدى أهل قريتنا قيم الالتزام وباعتبارها مكانًا مقدسًا للتربية وغرس قيم الانتماء والعطاء كما أنها فرصة للطلبة أنفسهم من الابتعاد قليلًا عن أعمال المنزل الكثيرة التي لا نهاية لها .
يروي لنا عمي تفاصيل طفولية رافقها شغب لطيف في مرحلة الدراسة ، إذ كانت المدرسة ميدانًا من المعرفة والضحك العفوي والطفولة غير المرهونة بجرس العودة للمنزل .
في المدرسة يتآخى الطالب مع معلمه وإذا أراد أن يكسب ود معلمه يهديه مما أنتجه أهله من مشتقات الحليب والألبان وغيرها ويتسارع الطلبة في ذلك.
يوم الرحلة المدرسية هو اليوم الموعود للطلبة، إذ ينتظرونه بكثير من الحذر والترقب لموافقة الأهل ، يسارع الأخ الكبير لإقناع الوالد بضرورة الذهاب وتكلفته والنتيجة المرجوة من رحلة قد لا تتعدى القرية المجاورة .
يستقل الطلبة باص الرحلة بكثير من السعادة وأمل ينشد "تغيير الجو" والهروب من الواجبات المدرسية والمنزلية على حد سواء والتمتع بالوجبات التي تُحضَر مع طلوع الفجر والتجهيزات التي قد تحرمهم النوم من شدة الفرح. يقول عمي في إحدى الرحلات أنهم اضطروا لركوب حافلة مصنع حلويات لعدم توفر مركبات مخصصة لنقل عدد كبير من الطلبة، لكن من يأبه لنوع الحافلة إذا كانت الوجهة خارج القرية ؟
بتلك الذكريات واللحظات التي صُنعت من حب وعفوية امتلكت المدرسة مكانة قد تفوق مكانة الجامعة في وقتنا الحالي فالمعلم كان تأثيره يمتد للأهل وليس فقط الطلبة .
مهما دارت الأيام وتبدلت الأجيال تبقى المدرسة أقوى من قوى الحداثة ولم تستطع انتزاع تلك المكانة التي أنتجت أجيال متزنة وتحترم القيم وتحافظ عليها، ما زالت المدرسة في القرية دليل ومقياس لتفوق قرية على أخرى.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
القيمة للمعلم والمدرسة بالتأكيد. كانت وظيفة المعلم من أهم الوظائف وتسمو على الطب والهندسة. لم تكن القرى في المحافظات البعيدة تنتج معلمين، فكنا بالجنوب نستعين بمعلمين من اربد وعجلون ومن فلسطين الحبيبه. كنا بالقرية نعاملهم بتمييز كبير. فالمعلم يأتيه خبزه وطعامه لباب بيته، ويقسم الجيران البرنامج الاسبوعي بينهم، كل يوم على أسرة. وحدث أن تزوج استاذ من الضفة الغربية وجاء بزوجته ترافقه للقرية. واستمر أهل القرية بتكريمها كضيف..بعد مضي شهور بات الاستاذ الزوج يطلب من الأهل في القرية أن يعطوه فرصة ليختبر فيها مهارة زوجته في الطبخ ولو حتى قلي البيض.