"تسابيح الليل"_"ديوان الروح" سعد مردف الجزائري

نظرة حول ما ألفه المؤلف سعد مردف الجزائري في ديوانه" ديوان الروح" تحت عنوان " تسابيح الليل"

الأديب سعد مردف الجزائري شاعر وقاص مهتم بأدب الطفل على الخصوص.

ولد في سنة 1971 ببلدية أسطيل. أستاذ محاضر بجامعة الشهيد حمه لخضر –الوادي حاصل على دكتوراه في الأدب الحديث له عدة كتابات نقدية ومجموعة من المؤلفات تتمثل في دوواين شعرية ومجموعات قصصية موجهة خصوصا للأطفال. من هذه الدواوين الشعرية يمكن ذكر “مواكب البوح” و”مآذن الشوق” و”يوميات قلب” و”حمامة وقيد” و”قصائد من وحي كورونا” ومن قصصه القصيرة في أدب الطفل “أبي لا تسرع” والطفل الشاعر” وأحكي لكم” و”قصص مدرسية” وهي نصوص للمطالعة، كما كتب الشاعر سيرته الذاتية في مؤلف بعنوان” أوراق صغيرة –سيرة ذاتية”. كتب في صباه أول قصية شعرية “صبرا وشاتيلا” في مطلع الثمانينات عندما كان تلميذا في السنة الثانية متوسط ببلدية أسطيل.

شارك الشاعر سعد مردف الجزائري في عدة مناسبات وطنية ودولية منها مسابقة واحة الأدب في الكويت حيث حصل على المرتبة الخامسة لمسابقة الأوائل في الشعر عن قصيدته “واحة وفاء على بوابة الخلود”. ومع ذلك، فإن الشاعر يفضل العمل بعيدا عن الأضواء كما قال عن نفسه في تصريح إعلامي ” بالنسبة للمسابقات فلست ممن يحرصون عليها كثيرا خاصة مع تقدم السن و إن كانت لي محطات و آخرها ما كان من أحد نصوصي القصصية في جائزة منديلا و كذا توفيقي و الحمد لله لتضمين نصي الوطني تحية على بوابة الخلود ضمن عشرين نصا في الكويت في كتاب للقصائد العربية الوطني فضلا عن نجاح بعض نصوصي في مسابقات الأنشودة المدرسية كحصول قصيدة “وطن وقلب” على المرتبة الأولى في مهرجان الأنشودة المدرسية بورقلة في سنة 2020″ ،

وما نحن في صدده اليوم تعقيب حول عمل من أعماله وهو ديوان الروح "تسابيح الليل"

يتكون من ستون صفحة بها سبعة وعشرون عنوان ، كلها تتضمن ما يهل به القلب وما تهل به الروح ، إذا بدأ المؤلف في قصيدته الأولى عن "اللغة العربية الخالدة"، حيث قال فيها:

دومي على العهد يا أم الفصاحة،يا

*أخت البيان دواماً ذائع الصيت

فأنت أبقى، وأن زلت بألسنةِ*

آلاتها، أو تهاوت للتوابيت

حاشاك تذوين أزهارًا، وأوردةً*

وأنت بالمصحف العلوي عليت

ومن شفاهك عذب الذكر منسكب،*

ومنه يا غضة الأفنان رويت

ثم تكلم عن الحبيب الذي بذكره الألسن تطيب عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين ، إذ قال فيه:

وأنت محمد الرحمات أحنى*

من الأم الرؤوم على الوليد

نجوت بمركب الإنسان لما*

تهاوى في الضلالة بالعبيد

وأرسلك الإله بشير خير*

بآيات النجاة من الوعيد

فكنت الراحة الكبرى،سرورًا*

سرى في الكون يعزف بالنشيد

أرى ما سمي عنه الديوان ، ديوان الروح بتسابيح الليل ، في قسم خصصه المؤلف له ، حيث يتكلم فيه عن التأمل والتفكر والتدبر في الخلق والخلائق وفي ما يدور من حولنا من نعم ، إذ قال في تسابيح الليل:

انظر إلى القمر الجميل،ونوره،*

وإلى النجوم، وضوئها المتلالي

والليل كيف سجا،وأسدل ستره*

في هدأةٍ ، وجلالةٍ، وجمال

أرخى على الكون الفسيح ظلامه،*

وسرى إلى الهضبات، والأجبال

سكتت غصون الطير فهي رهيبة،*

وجثت فروع الدوح دون ظلال

إلى غاية آخر أبيات القصيدة، ثم لم يسكن له إلا وأن بلغ له قسط من سكون الليل وهدوئه وجمال نوره أو كما سميته أنا ب "لقاء الرحمان" ، فقال فيه "تهاليل الليالي الساجدة" ، حيث قال عنها:

دعني من الدنيا، وأشياعها*

والناس،ما راموا، وما طالبوا

روحي أتت مكلومةً، ترتجي*

إشراقها، فاقدح أنا ثائب

خذني إلى اللّٰهِ الذي بابه *

باب الرجا، ما له حاجب

كَبِرْ، وقم في لحظةٍ ملؤها*

ذكر، ولِلّٰهِ الثَّنَا الواجب

إلى غاية آخر أبيات القصيدة، ففي وقفته عند تهاليل الليالي الساجدة عن أن لقاء الرحمان ما له حاجب وأن به وفيه تشبع النفس من كل ملذات الدنيا وتمتلئ الروح والهدى والتقى وفيه تبلغ المنايا وتبلغ الرجايا ، كما تطرق المؤلف إلى "شفاء المؤمنين" ويقصد به الذكر الحكيم ألا وهو القرآن الكريم ، فقال فيه:

متى ما مسني حزن،وغم،*

ونالتني من الدنيا شرور

فاي في مصحفي أبدًا شفاء،*

وفي السور العظام لي السرور

كتاب اللّٰه للوجدان نور،*

به تشفى الجوانح، والصدور

كتاب اللّٰه جنَّات لقلبي*

وفي أفيائه سكن الضمير

وإلى غاية آخر أبيات القصيد

وتكلم أيضاً فيه بقافية أخرى تحت عنوان "حملت كتاب اللَّه" وفي "أشواق الذكر" أيضاً....، ثم تكلم عن "ضياء القلوب" الذي لا يتكرر في السنة إلا مرة واحدة وهو خير شهر ، شهر الرحمة والمغفرة ، شهر رمضان ، فقال عنه:

رمضان، والقرآن، والإيمان*

وهدى يضيء بوحيه الوجدان

وافى هلال الشهر، فهو بشيره،*

وتمايلت طرباً به الأكوان

رمضان مفتاح المسرة، والمنى*

رمضان أهداه لنا المنان

ضيف تطيب به النفوس، وتنجلي*

عنها الكروب، وتنتهي الأحزان

إلى غاية آخر أبيات القصيد ، ولم يرتاح له جفن إلا بذكر أفضل الليالي التي عنها الكثير يبالي وهي ليلة القدر فقال : " ياليلة القدر"...

يا ليلة القدر يا نوراً تغشاني،*

آليت لا نوم يغشى باب أجفاني

سهرت أرقب ميعاداً ظفرت به*

في سورة القدر، في بستان قرآني

فقمت،والناس غرقى في وسائدهم*

أستمطر القلب أشواقي، وإيماني

أحنيت ظهري لعل اللّٰه يرحمني *

وفي التراب جبيني كان قرباني

....،وإلى غاية آخر أبيات القصيد،

ثم عاد يمدح النبي محمدا صلوا عليه وعلى آله وصحبه وسلموا تسليما كثيرا ، ثم تكلم في قصيدة" لا تذرني فردا" متمنياً أن يكون عنده ولدًا ،وفي قصيدة أخرى بلا عنوان، وسانفق ، حيث كان يرجوا أن يكون له المال الوفير حتى ينفقه في سبيل الله عز وجل ، كما تطرق إلى فصل الشتاء ،وفي قصيدة أخرى شوق مكتوم ، حيث قال فيها:

لو كان يبدو الشوق في الأحداق*

علم الجميع بحبي الدفاق

لكنني، والشوق سر كامن*

أخفي بحور الوجد في الأعماق

لن أخبر الناس الذين أراهم *

كي يعلموا ما أشتكي، وألاقي

أبداً سأخفي في الفؤاد لواعجي*

مهما ضربت، وسرت في الآفاق

.....، كما تطرق الشاعر إلى الصلاة ومدى أهمية الحرص الشديد على آدائها في وقتها منذ أن يرفع الآذان ، كما ذكر المسجد المعمور ألا وهو المسجد الأعظم بالجزائر العاصمة ، وبعض العناوين المشابهة لما سبق ذكره فقط تختلف البحور والقوافي إلا أن المراد واحد ، كما كتب عن توجيهات للقارئ تحت عنوان " توجيهات شعرية" ، يحث فيها القارئ ويدعوه بأن لا يعبد إلا الله الواحد الأحد وباتباع دين محمد صل الله عليه وسلم ، بالإضافة إلى قصيدة كتبت بمشاعر الشاعر الهياجة تجاه الطفل الذي غير مجرى العالم ومن منا لم يسمع عنه وبه ، الطفل الصغير ذو خمس سنوات ، الطفل المغربي " ريان" ، فقال فيه:

ماما، "ريان" أحس بابك يهتف*

وأحس مخدعك الحزين يرفرف

وأرى وسادك بارداً في ليلةٍ*

ماتت بها لو تعلمين الأحرف

هذا كتابك ساكت متألم*

هذا مصلاك اشتكى،والمصحف

كل الأواني في الرفوف حزينة*

وأسره، ومطارف تتأفف

طوفت أبحث عنك رغم فراقنا*

علِّي أراكِ، كأنني لا أعرف!!!.

.....، كما كتب في آخر طيات هذا الديوان عن صديقه عبد الرزاق علا مغادرا وادي سوف ذاهبا نحو بلده مدينة تلمسان ، بعد أن مكثى في سوف عقداً من الزمان ، إذ رحيله ترك ثغرة لدى الشاعر موحشة له ، فكتب عنه مبرزا شوقه إليه:

أترحل أيها الرجل الجميل ؟*

رحيلك ماله أبدًا مثيل

رحيلك كالسحائب حين جفت،*

وليل ما لنا فيه دليل

ترفق في رحيلك بالحنايا،*

ترفق أيها الرجل الجميل

فإنا، والقلوب لها حكايا*

فتسكت حين تحزن، أو تقول

علمنا بعدكم أنا أناس قليل*

حظنا فيكم قليل!!!!.

وختم كتابه ب " شيخوخة" و"إحساس"، قال فيهما:

بكيت على الشباب وقد تولى*

فقال لي الشباب: عليك فابك

لقد أمضيتني لهوًا، فلما*

أكلت نضَارتِي جَاءَ التَّشَكِّي

فعش شيخوخة التقوى، فإني*

خلي من صلاحك دون شك

يا ليلة القدر هل أدركت إحساسي*

وهل سمعت دعائي خلف أنفاسي؟

مهما حللت، أنتِ في نظري*

من ألف شهرٍ، وسلم أنتِ للناس.

من وجهة نظري كان هذا الديوان "ديوان الروح" ، مفعم بالمشاعر والأحاسيس المقدسة ، كما ابدع الشاعر في ما كتبت أنامله ، فقط لي أمر واحد انقده فيه وهو عدم جمع المواضيع مع بعضها بعض ، مثلا يقول قصيدة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم يقول عن الذكر وأخرى في الشتاء ثم أخرى عن الليالي الساجدة ، ثم يعود إلى النبي محمد صلى الله عليه ، وفي نفس الأمر حدث في قصيدة مع المصحف الشريف ، كان من الأفضل جمع المواضيع ولو اختلفت الابيات والقوافي ، يجعل بينهما فاصل ويواصل في الموضوع نفسه ، نسأل الله أن يسدد ويحفظ الشاعر البروفيسور والدكتور سعد مردف الجزائري وأن يبارك في صحته وعمره وأن يجعل كل حياته وحياتكم جميعاً جنات ونعيم إلى يوم الدين 🤲

شكراً لكم على إتمام القراءة

ممتنة لكم

تحياتي والسلام.

#مراجعات_كتب

#كتاب_تسابيح_الليل_سعد_مردف_الجزائري

#ديوان_الروح.

#معاني.