تأتي هذه الكلمة كومضةٍ باهتة تتلاشى في ثوانٍ تاركة في النفس سؤالًا عنيدًا وهو: ماذا بعد؟

...ثم قالت: "لعلها النهاية" ومضت في طريقها.. "


النهاية

وكعادة معظم القصص والروايات تُختم بهذه الكلمة الغامضة المثيرة، التي تترك في النفس مشاعرَ متضاربة مخلوطة بالمشاعر التي تركتها القصة فيها. تأتي هذه الكلمة كومضةٍ باهتة تتلاشى في ثوانٍ تاركة في النفس سؤالًا عنيدًا وهو: ماذا بعد؟

لطالما توقفت مع هذه الكلمة"النهاية" متأملة أحوالها، متسائلة عن ماهيتها. ما هي النهاية؟

النهاية كلمةٌ وحدث، إشارةٌ ومعنى، مغزى، حروفٌ نكتبها لنشيرَ إلى تمام الحكاية، وقطراتٌ تتمايل على أوراقِ الشجرِ وتتساقط من سطوح المنازل لتشيرَ إلى توقف المطر، ضوءٌ خافتٌ يظهر تدريجيًا في أفق السماء؛ ليهمس بنهاية الظلام.

نراها في كلِّ شئ؛ في تساقط أوراق الشجر خريفًا، في مغيب الشمس وآشعتها التي كانت تخترق عنان السماء، في جدارٍ ينغلق شيئًا فشيئًا، وفي صوت الأنفاس المتلاحقة تخفُت تدريجيًا.

ومع ذلك، تظل النهاية غامضة، متباينة، تختلف من عين شخص لآخر، وتتفاوت من وقتٍ لآخر، ولا تستقر على حال؛ تارة تكون توقفًا وتارة تكون مسيرًا، تارة تكون ضياءً وتارة تكون ظلامًا. هل تتجسد النهاية في تساقط الأوراق؟ أم هي نماءُ البذور. هل هي مغيب الشمس أم شروقها؟.. هل هي سكون الشيخ أم صراخ الطفل؟.. بسمة هي أم دموع؟ إقدامٌ أم خضوع؟..بداية؟!

قد تكون إحدى هذه الأشياء، وربما تكون الأشياءَ مجتمعة..نعم، أظن ذلك.

ومع تباين النهايات واختلافاتِها، فكلُنا يسير نحوها؛ فأحداث القصة تتدرج لتصل إلى الختام، والقافلة تمضي قُدُمًا لتصل إلى نهاية الرحلة، والمياه تتدفق نحو المصب، والعمر يسير بالإنسان نحو الموت.

و لكن ماذا بعد النهاية؟! هل تتوقف الحكاية عند هذا الحد ؟ هل هي نقطة في نهاية السطر يفنى بعدها المداد؟ أم هي كلمة مكتوبة على الشاشة تتبعها خلفية سوداء؟ لا ..بل هي نقطة في منتصف الدورة نمر بها..ثم نستمر في الدوران. النهاية محطة من محطاتٍ عديدة نمر عليها في قطارِنا، ثم نمر بالكثير بعد.

قد تكون النهاية غامضة، مثيرة، متباينة، حتمية، وتتلاشى سريعًا، لكنها دومًا تتركُ لنا شيئًا ما؛ تترك لنا سؤالًا، تترك لنا مشاعر. تدعونا للتفكر، وتدعونا للتأمل. تبشرنا ببداية، وتنذرنا بعودتها قريبًا. تحزننا حينًا، وترضينا حينًا، وتمر علينا مرور الكرام أحيانًا؛ لاندري متى جاءت ومتى رحلت. النهاية ومضة مليئة بالعبر والمفاجآت، فهل من وارد؟

آلاء ناصر

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

كل نهاية هى بداية جديدة

إقرأ المزيد من تدوينات آلاء ناصر

تدوينات ذات صلة