والآن أخبريني يا أمي أي كلية سأضعها في الرغبة الأولى؟
-هيا يا مي أعدي لنا الشاي
-وكيف سيساعدني الشاي في ملء الرغبات؟
-صدقيني سيساعدك، ومَن غيره كان رفيقك في ليالي الامتحانات؟
-أنتِ يا أمي..
-إذن أستحق كوبًا لذيذًا وساخنًا من الشاي
ابتسمتُ وملأت الكنكة بالماء..
…
ها هو الشاي.. أخبريني الآن أي كلية أضعها في الرغبة الأولى؟
أختي الصغيرة(هناء): لقد حصلتِ على مجموع لا يحلم به البعض يمكنك اختيار أي كلية علمية أو أدبية.
-اممم..إذن طب؟
أخي(علي)الذي يصغرني عامًا واحدًا، ولا ينفك ممسكًا بهاتفه الخلوي يتصفح صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ويظن أنه يعلم كل شيء: ألا تسمعين الأخبار، ألا تعلمين ما الذي يحدث في البلد؛ الأطباء يواجهون الأمراض الجديدة والأوبئة ويموتون، أو يقضون حياتهم كلها في الدراسة والعمل ويُستنزفون بدنيًا ونفسيًا ومن ثم لا يصلحون لفعل أي شيء؛ اصرفي نظر عن هذه المهنة المشئومة!
-أعوذ بالله، أليس في هذه المهنة أي شيء حسن؟ ما أظنك إلا جاهلًا بها أو مبالغًا، لكن على كلٍّ سأصرف نظر..
إذن كلية الصيدلة..البديل المثالي لكلية الطب سنوات دراستها أقل وفرص العمل كثيرة ومتوفرة، يمكنني العمل في أي صيدلية..
سماح-ابنة جارتنا أم سماح-في مثل سني لكنها آثرت عدم إكمال الدراسة بعد حصولها على الشهادة الإعدادية: ماذا تقولين يا مي، لي أصدقاء يعملون في الصيدليات دون أن يدخلوا كلية ولا معهد ويقبضون مرتبات لا تحلمين بها، ستتعبين نفسك على الفاضي!
-حقًا؟ لكن بالتأكيد هناك فرق بين من تعلم ثم عمل، ومن عمل بدون علم.. لكن يمكننا البحث عن رغبة أخرى..
ماذا عن كلية العلوم؛ إنها كلية عظيمة..
سماح: أتمزحين؟ ادخليها إن كنتِ تريدين تضييع عمرك ستخلدين فيها طوال عمرك لأنك سترسبين كل عام (ضَحِكَت)
-ما الذي أتى بك إلى هنا يا سماح؟ أَ أقصد منورة يا حبيبتي لكن ما سر الزيارة السعيدة؟
-جئت أبارك وأهنئ.
-صاحبة واجب يا سماح.. أظن خالتي أم سماح تنادي عليكِ.
-إذن إلى لقاء، لا تنسي أن تخبريني ماذا فعلتِ في الرغبات.
-بكل تأكيد(رسمت ابتسامة سخيفة على وجهي)
هووف، أخيرًا رَحَلت..
أمي: الله، يا له من كوب شاي لذيذ، سلمت يداكِ يا بنيتي، أتعلمين لو أنك تحسنين الطبخ كما تحسنين إعداد الشاي لزوجناكِ وخلّصناكِ من هم ملء هذه الاستمارة.
-أمي، ركزي معي ودعك من الشاي والطبخ والزواج، أنا أتحدث عن مستقبلي.
-وأنا أيضًا، مستقبلك في إعداد الطعام يجب أن تتعلمي شيئًا، تنظيف الفراخ، قلي البطاطس، حشى المحشي..
-يا ربي، هل من أحدٍ ينصت إلى؟
هناء تؤازرني: ماذا عن كلية الحاسبات والمعلومات؛ أسمع أن لها مستقبلٌ باهر!
-كانت ستكون فكرة جيدة إن كنت علمي رياضة.. (ضيقت عيني وارتسمت شفتاي خطًا)
… صمت
أمي: إن هاني ابن عم سعيد البقال يدرس في كلية الحاسبات والمعلومات وبقي له سنة واحدة في الدراسة، سيبيع والده فدان له في البلد ويشتري شقة في آخر الشارع لقد سمعته يقول ذلك بأُذُني؛ ما رأيك؟(بشغف)
-أمي لن أتزوج الآن، يجب أن يكون لي كيان خاص أولًا ولن يتحقق ذلك الكيان إلا بالعلم والعمل!
-يا شماتة الجيران فيكِ يا أم علي، وهل سينتظرك العريس حتى تحصلين على هذا الكيان، يبدو أنك ستقتلينني بحسرتي عليكِ..
-قلت متجاوزة هذا الموضوع: ماذا عن كلية الألسن؛ إن تعلم اللغات شيء ممتع(لمعت عيناي)
صوت سماح عبر النافذة: لغات؟! يا فتاة الجميع يدرس دورات اللغات في أشهر قليلة دون حاجة إلى كليات ويتساوون مع من درس السنوات الأربع؛ لماذا تصرين على تضييع عمرك؟
-أليس الجو باردًا قليلًا-أتصببُ عرقًا-سأغلق النافذة كي لا نمرض..
-وجدتها؛ سوف أتقدم لاجتياز اختبار قدرات كلية الفنون الجميلة؛ لطالما أحببت الرسم والأعمال الفنية..(صوت المفتاح يفتح الباب وقائل يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)
-ما رأيك يا أبي؟!
أبي الذي دخل المنزل لتوه ولا يعلم عما أتحدث: سأخبرك عن رأيي الحكيم في كل شيء بعد أن تعدي لي كوبًا لذيذًا من الشاي.
أمي: ولي أيضًا يا حبيبتي
-مرة أخرى!
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
رائعة 🌸