ومن يستطيعُ نزعَ فكرةٍ من ذهنكَ آمنتَ أنها جذرٌ ثابت؟!
ماذا لو رأيت فتاة تسير بانتظام على ممشى يقودها نحو الغرق في محيط بارد مظلم،.
لا شك أنك سترسل صرخات تحذيرك وستهرع لنجدتها لكن..
ماذا إن قطعت الفتاة استرسال نبضاتك السريعة الخائفة ونظرت إليك نظرة متبلدة دون أن تلاحظ أدنى إشارة في عينيها: لا فرح ولا حزن ولا خوف ولا حسرة، ثم أشاحت ببصرها عنك وأكملت سيرها الهادئ نحو الهاوية، لقد علمتَ الآن أنها سمعت نداء تحذيرك لكنها وصلت إليها نغمات هادئة تدعو إلى النوم، لقد رأت سهام نجدتك لكنها رأتها فقاقيع تتراقص في الهواء وتهوي في المحيط وسارت وراءها..
لا بد أنك ستقول إنها ليست تدرك ما تفعل وستستمر في طريقك.. وما إن وصلت إليها..فات الأوان فقد ألقت بنفسها للتو.
هل ستلقي بنفسك وراءها سيقولون لك لا تستطيع فات الأوان هي لن تدرك أبدًا أنها في الهلاك بل هي تظن أنها في النعيم، وستصرُ على إيقاظها من غفلتها! ، سيقولون لك انجُ بنفسك، وستقول أُنقذُها معي! سينشدون لك ونارًا لو نفخت بها أضاءت وستجيب ليست برمادِ! (1)، سيتلون عليك قوله تعالى:
{إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} (الأنعام: 36)
وستنكرُ موتها!
ستُلقي بنفسك وستراها غاصت بعيدًا في الأعماق لكنك ترى منها شبحًا، ستغوص قدر استطاعتك ولن تلحق بها أبدًا وقبل أن تفقد آخر ذرة من الأكسجين ستلهث إلى السطح لكن..
لات حين مناص، لقد تتبعت خُطاها وسرت على نهجها ولم تُجدِ معك محاولات الناصحين؛ هم عملوا بنصائحهم واستمعوا لها وتركوك تواجه الواقع، وأنت أبيت إلا الاستماع إلى أوهامك، ومن يستطيع نزع فكرة من ذهنك آمنت أنها جذر ثابت وما هي إلا حشائش ضارة تعيث في عقلك فسادًا؛ تتغذى على رغباتك ومخاوفك ثم تبثُ سمومها فيك فلا تعد تميز بين الحقيقة والخيال، فانجُ بنفسك الآن إذا استطعت..
إذا مستك لحظة يقظة وقدرت على اقتلاع تلك الحشائش، إذا زال عنك الصمم وأنصتّ للنداء، إذا ذهب عنك التبلد ومددت يديك..
إن لم تدق الساعةُ بعد..
1) لقد أسمعت لو ناديت حيًا… لكن لا حياة لمن تنادي
ونارًا لو نفخت بها أضاءت… لكن أنت تنفخ في رمادِ
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات