صُدفة تحمِل مِيعَاد على مَتن الرِحلة رقَم ٥٢٥ ما زَالت عالِقة بالقلب ترفُض المُغادرة.

يَبعُد المَركز التِجاري عن مَحطَّة الانتِظار بِضع أمتار قريبة من سَاحة ملِيئة تُشبه تِلك الانعِكاسات الوَهميَّة والقادِمة من السَراب إضافةً الى ارصِفة مُتنازعة على عُموم جودتِها، بالمُنتصف كهل عَربي يُردِّد " لَيتَها كانَت الفَاضِية" مَرَّات عَديدة مَصحُوبة بِهزَّة رأس تُشبِه اللعنَة المَقصُودة بِسبب صَناديق مُتراكمة تَركها عَامِل التوصِيل عِنوةً على بَاب مَحلِّه غير مُباهي بصَدى صوت فيروز في المَكان.

مَجمُوعة ناشِئة مَلامِحها الشرقيَّة تبدو غَربِية تَرتاد المَكان بَحثاً عن بَديل طوِيل لقَضاء عُطلة قصِيرة، يُقابِلهم تَجمُّع على دكَّة رصِيف تحت مِظلة شمسيَّة عدِيمة الفائدة، العين المُجرَّدة مُنزعِجة والانتِظار مُربِك في حي سَكني هادِئ أكثر مِن اللازم، فِي طرِيقي الى البيت والوَقت بَين الهاجِرة وظهِيرة يوم الجُمعة في شهر أغسطس حَسب التقويم الغريغوري.

اقتِراب من نُقطة اللِقاء وقرار بالتَراجُعْ واكتِساب مَسافة ليست بعيدة عن الازدِحام، مُحاوَلة اقتِفاء الأثر للحُصول على قِسط راحَة من التمتمة المُجاورة ولا اعلم حتَّى الآن إن كانت مقصُودة فَلا ذَنب مُقترف مِن طرفي غير انِّي اخْترتُ الحِياد، هُناك من يَنتظِر لكِن مِن غَير المُعتاد وجُود مَا يُلفت انتِباهي الى تِلك الدَرجة، ظهُور مَعالم تُشبه الحافِلة أخيراً، سُرعة بطِيئة بعد تخطِّي الدفء البارِد فالوقت أكثر حِدَّة من السيف.

يَتظاهر الجَميع بحالَة اغمَاء، اقتِراب يُشبه كثيراً عمليَّة اسقاط واستِعمال حِيلة بل غريزة بشريَّة، اختلَط الحابِل بالنابل، حانَت اللَحظة ولِقاء غير مُرتَقب عِند الباب قبل البحث عن فَتاة الورد للاستِماع الى قِصَّة تختصِر طول المَسافة، لحظة; هُناك من لَفَت انتِباهي وبالفِعل اختَارَت الجُلوس بالمَقعد المُقابل، لم أرى بَشراً ولا ملاكاً بذلك الجَمال من قبل، لم أبالغ هُنا فرؤية الملائِكة في الأحلام واردَة وهو ما يُثبت انِّي غائِب عن الوَعي لربَّما من اشعَّة الشمس القريبة من الأرض، جيولوجيا ومَناخ يُخاطب قلبي المُنشغل والبَعيد عن المَكان، حُضور تلقائي لإثبات حقيقة الأمر، ابتِسامة من طرفها بالرغم انني كُنت هناك لكن لا استِجابة، اللون المُفضَّل لديَّ ولن اجد من ذلك المَزيج سلفاً، من بين العشوائية قد يُصنع الاستِقرار والترتيب فلا وقت للجِدال ولا مُبالغة في فرق المَسافة عن القلب، قريبة جداً أمام العين والفاصِل بضعة مَقاعد.

ما المَانِع الذي تملَّكني لرَد بَعض الجمِيل، رأيتُ ملاكاً سعيداً على هيئة البَشر، مُؤشِّرات إيجَابية ولا أهداف مِن طَرفي، خِفةَّ سبَّبت خُمول لا ارادي وصُعوبة في سُهولة الحركة دون سبب يُذكر بعيداً عن الكِبرياء او أي انتِماء، فقظ التَظاهر بالانشِغال عن كَيان قريب يَملئه هدوء يَسبِق العَاطِفة، مُحاولة السيطرة والبحث عن مَنفذ لأني في موقِف يُحسد عليه وتحت طائِلة المسؤولية بطريقة ما.

توقَّفت الحافِلة في المُنتصف، أصابَني جَفاف واضطِراب في التنفُّس، صمّام القلب والحَاضِر مُتأخراً يرفُض تِلك الضربات المُتسارعة، غَادَرت، رَحِيل ليسَ بالحُسبان ولم اعلم حتَّى الآن سبب الكميَّة الهائلة مِن كل شيء بعد التزاحم والزعزعة الداخِليّة بحثاً عن تأنِيب مُهيب حقَّق ردة فعل وإحساس حِلم اليَقظة يسمح عودة الروح الى الجسد أملاً في الالتقاء عند حافَّة الحافِلة يوماً ما.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات أحمد البطران "بطرانيات"

تدوينات ذات صلة