تعرف عليك هل أنت هنا الآن أم أنك تعيش في الماضي السحيق بكل ما يحمله أم أنك تعيش في المستقبل المتخيل متناسيا لحظتك الحالية وحاضرك وكل شيء يحدث الآن.

نَسيَاني ...؟!ِ

هل استيقظت يوماً ولمدة لا تتجاوز الخمس ثوانٍ ولم تعرف من أنت وفي أي مكان أو زمان! لا بد وأنه من الجنون أن تفكر بفكرة أن تعيش هذه اللحظة. الصدمة ليست تلك الخمس ثوانٍ، بل هي أنك تعيش كل يوم في مثل هذه الخمس ثوانٍ، كانت لمدة خمس ثوانٍ ولم تستوعبها فما بالك لو كانت في كل يوم وكل حين وحتى في الآن لكنك لا تعي ذلك.

برأيك من هو الشخص الأسعد هل هو من يعيش يومه بأمسه أو غداه أم من يعيش يومه بيومه أي بهذه اللحظة بكل ما فيها "الآن"؟

نحن غير معتادين على فكرة إدراك أنفسنا والوعي لما نحن عليه، نحن دائما في محل النسيان لأنفسنا، أنفسنا التي يجب أن تعيش الآن في هذه اللحظة وتأخذ مكان المراقب وتراقب كل شيء حدث ويحدث، لكنها غير منغمسة في العقل الذي يُولد مشاعر وعواطف لأحداث حدثت سواء بالماضي أو لأحداث متخيله بالمستقبل ويجعلك تعايشها في لحظتك هذه وينسيك ما فيها من جمال عليها أن تكون حاضره الآن بكل ما تحمله اللحظة من معاني وصور وأصوات وروائح وألوان وتحركات، هذه هي نحن التي لا ندركها المراقبة لكل شيء يحدث معنا ومن حوالنا لكنها غير منغمسة فيه. نحن لسنا بالأحداث ولا الظروف ولا المشاعر "بجميع أنواعها: غضب، فرح، حزن، كره، ألم، قلق، خوف" نحن أسمى من كل ذلك نحن المراقبين لكل الوجود بسلام وطمأنينة وحب.

نعيش اليوم ونتعامل مع أمور الحاضر بعواطف ومشاعر الماضي فالإحساس بالذنب والندم والحقد، الحزن والمرارة والشكوى وجميع أشكال عدم المسامحة سببها الانغماس في الماضي، نحن في دمج دائم لأنفسنا مع مشاعر الماضي لدرجة أننا نصبح هي والتي لم يعد لها أي اثر؛ اذا لم يكن الماضي فالمستقبل بما يحمله من مشاعر جميعها غير حقيقية فالقلق والضغط والهم وجميع أشكال الخوف التي تنتابنا ما هي إلا نتيجة سيطرة معالم كثيرة من المستقبل على لحظاتنا الحالية، ونعيشها الآن وننسى أننا أولاد هذه الدقيقة بكل ما تحمله من معنى.

عندما نعيش الآن بعواطف ومشاعر غير تلك المشاعر التي تنتجها الآن اذاً أنت لست أنت ولست في المكان ولا الزمان الذي أنت فيه الآن. فيأتي السؤال من أنا وفي أي مكان وأي زمان؟ لنكتشف أننا نعيش زمان غير زماننا ومكان غير مكاننا هذا.

عايشين حياتنا بمبارح ومستمرين عليه باليوم وناسين هلأ وعايشين اليوم ببكرا بكل ما يحمله من مشاعر قلق وتوتر وضغط وانتظار وناسين هلأ. استفيد من الماضي وخبراته من دون ما تتأثر فيه، واعمل لمستقبلك بس من دون ما تنسى حاضرك.

صار وقت تجاوب حالك على السؤال أنا مين وعايش حياتي وين بهلأ وله بمبارح وله غرقان بأحلام المستقبل وقلقان وخايف وهل أنا ناسي نفسي وعايش حياة غير هلأ وله عايش كل لحظه وكل موقف وبتعامل مع الحياة كمراقب أول بأول؟

الحياة تمثيلية وأنت ممثل فيها لك دورك، العب دورك بإتقان واستمتاع لكن كن واعياً أنك لست هو.



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات زينه أبو خضره "محفزه"

تدوينات ذات صلة