ننطفئُ ثماني وتسعين مرةً لكن الانطفاءة التسع وتسعين غير.
إني لا أجدُ وجداني لهذا الحين.
أتعرف شعور أنكَ على طريقِك سائر ومن دربِك واثقٌ، ثم في لحظةٍ من الزمانِ تقفُ حائر الوجدانِ مختلّ التفكير؟
أن تنظرَ وراءكَ فتكرهُ ما كنتَ عليه ولا تحبه، فتنظرَ أمامكَ فتجده دربٌ طويلٌ يحتاجُ إلى نفسٍ قويّة شجاعةٍ تملكُ روح التحدي، ثم تنظرُ إلى موضعك الذي وصلت إليه فلا ترضى به ولا تجزع منه، أنت فقط هادئ، هادئ بشكلٍ مُنطفئ.
العالمُ حولَكَ يتحرك، يسيرُ، يختلق الترّهات والخرافات، يحدث المشاكل والصراعات، يصنع النجاحات والتفوّقات، فتبتئس إذ إنه يدورُ بسرعةِ البرقِ وأنتَ ما زلتَ تتحرك بسرعة سُلحفاةٍ عرجاء!
لكنني أرى أنه لا بأس؛ حينما أنطفئ بتلك الصورة أقول في نفسي: وما نفعُ العجلة؟ وما نفعُ القرارات دون تأنٍ وتأملٍ للنتائج؟ لستُ أول من يموت ولا يعرفه أحد في هذا العالم إلا من أحسنَ إليهم إحسانًا كبيرًا من حيث صِفتِه وشخصِه، علمِه وتعلُّمِهِ، أخلاقِه وتخلُّقِهِ؛ فإلامَ أرمي من وراء معرفة العالم لي إذا لم أعرفني أنا وأعرف طريقي جيِّدًا؟فإذا نظرتُ ورائي قلتُ: هذا سابقُ عهدي لا صلةَ لي به إلا كل صلتي الآن؛ فإن شخصي السيئ قديمًا وتجاربه الأليمة ومواقفه الفظيعة له الفضل الثاني من بعد فضلِ الله في أن أكونَ تلك التي تمدحها الناس ويحبون وجودها وشغلها لحيّزٍ من العالمِ وطريقة تفكيرها ولا أقولُ أنني لستُ سيئةً بل إنني سيئةٌ بشكلٍ سيجعلني أفضل فيما بعدُ والله يغفرُ ما دمتُ تائبةً أوّابةً.
أمّا القادمُ فهو مهيبٌ ولا بُدَّ فإن كلَّ مجهولٍ لا يُعرفُ ما وراءه، لكنني اخترتُ بعدما فكّرت وتأنيتُ، وقررتُ بعد بحثت واستندتُ فممَّ اخافُ؟ ولمَ؟ وإن كنتُ خائفةً من السقوطِ فكيف وصلتُ إلى هنا بعد سقطاتٍ عظيمةٍ وأخرى هيّنة؟ سأجدُ طريقةً للنهوضِ دائمًا وأبدًا باللهِ وحوله وقوّته لا بغيرِه.
كن ما تريد أن تكونَ عليه ولا تلتفت لأحدٍ كان إلا آخذًا منه ما يُناسبك، خُلقتَ فردًا وتعيش فردًا وستموتُ فردًا فاعمل في دنياك ما تود أن يكون ذكرى من بعدِك واعمل لأُخراكَ ما تودُّ أن يكونَ قائدُكَ إلى مثواك الأخير الأبديّ.
التعليقات