وفقَ اللهُ كلَّ مُلهِمٍ ومُلهَمٍ ويسّر أمرَه وسدده وبارك له في وقتِه وعملِه.

يُولدُ الطفلُ الآن مُنشَّئًا على فكرةِ الواقعِ والحقيقةِ اللتان لا يهرب منهما أحد ويسيطران عليه كما أسلافه وأبيه وأمه، فينطلق الغلام في مضمارِ الحياةِ يُسابق ويتنافس: فإما فائزًا بافترائه أو خاسرًا بتأخُّرهِ.

بينما الأمرُ خلاف ذلك؛ كلٌ منا على شاكلةٍ مختلفةٍ، شخصيّةٍ مُختلفةٍ، هيئةٍ مختلفةٍ، ذوقٍ مختلفٍ، وهكذا دواليك، فنُقيمُ الدين والمبادئ والأخلاقيات العُرفية في الطفلِ ثم نرى بأي اتجاهٍ شُغِفَ؟ هل يُحبُّ الرسمَ؟ أم الكتابةِ؟ أم أنه مهووسٌ بفكِ الألعاب؟ أم أنه شغوفٌ بالأسماكِ والبحار؟ أم أنه يغوصُ بين دفتيّ كتابٍ؟ أم أنه كثيرُ الكلامِ لطيف الوجدانِ يجذب الأشخاص وله حضورٌ؟ وهكذا.

هل هي تحبُّ تغيير ملابس دميتها؟ وتفرِّق بين ذي البريقِ وذي الطوقِ الذهبيّ ولها ملمسٌ وذوقٌ خاصٌ بها أم لا؟ هل تفضِّل صنع الملابس بنفسها؟ هل تجدُ لذّتها وشغفها برائحة الطعام الذكيّة؟ تفرحُ وتبتهجُ إذا صنعت حلوياتٍ لذيذةٍ بمقادير مضبوطةٍ؟ أم أنها تحبُّ الكتابةَ الحاسبيّة وتحب ترتيب الأوراق ومكتبكِ وأوراق عمل أبيها وتتعلم تصنيفاتِها؟ وهكذا.

وصار الآن في كلٍ مجالٍ عملًا ومشروعًا، وكلٌ يصبُّ في كلٍ؛ فالعاملُ الكهربائيّ ينفعُ الطبيبَ، والمُهندسُ ينفعُ المُحاميّ، والأديبُ ينفعُ النّاسَ، والمُعلم يبني أممًا بعدَه، وذا مبدأُنا الأوّل.

ثق بما أنتَ عليه إن بدأت تخطو سُلم تطوير الذات، عِ مهاراتَكَ ومواهبَك وما أنعمَ اللهُ عليكَ بهِ، وثق بأن الله قد أعطاكَ ذاك وتاكَ لأنّك جديرٌ به ومُستحقُّهُ

.ثانيًا في تطويرِ ذاتِك: اعمل في مجالِك وجِدَّ؛ لا تُقعِد مهاراتَكَ بجانِبكَ ثم تقول: لا أحد يهتمُّ بما أنا عليهِ وما أصنعه؛ فأين رأى النّاس ما تصنعه لكي يُجمعوا على جودته وحُسنه أو غيره؟

واعلم أن كلَّ صنفٍ من النّاسِ يجتمعُ على ما يشبهه، فالقارئون يجتمعون على الأديبِ وكتاباته، والمنصتون للأدب المسموع يميلون إلى القارئ الصوتي ذو المخارج الصحيحة والصوت المناسب، وذوو الذوق الفنيّ والعينِ المصوِّرة تنجذبُ إلى متقنِ الألوانِ، رفيعِ الذوقِ، سليمِ الإحساسِ بالألوان واللوحاتِ، وغيره كثيرٌ مما أعرفه ولا أعرفه، المهم أن تظهرَ وليس أن ترأسَ.

يعني تعلّم في مرحلة ابتدائك وذلك بظهورك وسط الحشود واجتماع الناس عندك، ومتى اتفق الناس على أنك تملك علمًا وفهمًا وإدراكًا بالشيءُ فقم إلى ذلك وإلا فلا.

فإن كنتَ مثلي – أديبًا – فابدأ على المواقع المدوِّنة والتي تعتني بالأدب شعرًا ونثرًا، واقرأ واقرأ واقرأ إلى أجلِ موتِك، واقبل النقدَ البناء المهذب، وانقد نقدًا بناءً مُهذَّب وما شاء اللهُ أن تفعلَ بعد ذلك من تأليف كتابٍ ونشره، أو الوقوف على مقالاتٍ وقصصٍ ورواياتٍ ونقدها فيما تحبُّ أنتَ.

ثالثًا في تطوير ذاتِك: رفِّه عنها باعتدالٍ، لا تنسَ حظك من الدنيا في عباداتك وجدك فيما تحبُّ، واخرج إلى الطبيعةِ، اجتمع بأصدقائِك، اقعد بشُرفتِكَ، أنعزل قليلًا، وعُد مرةً أخرى.ففي هذه المرحلةَ تستعيدُ جزءًا من نفسِك قد فقدتَه دون قصدٍ بانشغالِك، تكتشفُ سلوكًا جديدًا فيكَ سيئًا كان فتلغيهِ أو جيدًّا كان فتنمِّيه، تنتبه إلى ما ضحيتَ به وفارقتُه من أجل عملك هل يستحق أم أنك أخطأت وغيره مما ستنتبه إليه وتدركُه بإذنه تعالى.

رابعًا وأخيرًا: إذا سقطتَ سبعًا فانهض ثمانيةً.

مهما سقطتَ في مجالكَ وفشلتَ وبدوتَ أحمقَ – كما يدّعون – حينما أغفلتَ عن كذا، وظهر عليكَ شخصٌ أكثرَ إبداعًا، فقم مستعينًا بالله متوكِّلًا عليهِ وثق أن الله ما بعث فيكَ ذلك إلا لأنَّك جديرٌ به إلى مماتِكَ، والنجومُ لا تلمعُ إلا في الظلامِ.


وفقَ اللهُ كلَّ مُلهِمٍ ومُلهَمٍ ويسّر أمرَه وسدده وبارك له في وقتِه وعملِه.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات التُّـوْلِـيْبُ

تدوينات ذات صلة