نَص كُتبَ على ارتفاع 10 آلاف متر، فوق المحيط الأطلسي، في الطريق إلى نيويورك.

في السماء، على ارتفاع 10 الآف متر.. حيثُ الحياد.. اللاإنحياز .. اللاشيء سوى حضور الله وما خلق من جمال أزرق وأبيض..

.

في السماء، على متن بوينغ 787، يجلس بجانبي إلى جهة اليمين، شاب "مِثلي".. عرفت ذلكَ من مذكراته التي يكتبها على الحاسوب.. تللصتُ على ما كان يكتب بينما كنتُ أحاول النوم.. وركبتاي المتألمتان من طول الجلوس تمنعانني..

أمامي بسبعة صفوف، في المقعد الأوسط، يجلسُ حاخام يهودي.. عرفتُ ذلك من جديلتيه الطويلتين، وقبعة رأسه، وثيابه.. وتذكرتُ نفسي قبلَ أسابيع وأنا أقول لأحدهم "يلعن يهودك" .. ومن ثم سألني لماذا؟ أليست اليهودية ديانة.. فصححتها وقلت "يلعن الاحتلال" وشرحت له أنها كلمة عالقة في رأسي بمحض العادة..

بجانبي من جهة اليسار، تجلس فتاة "مصرية" الجنسية.. نائمة منذ 6 ساعات متواصلة.. خلفي، مباشرةً رجلٌ أمريكي عجوز.. أمامي من جهة اليسار، فتاة هندية لم تتوقف عن مشاهدة أفلام بوليوود منذُ لحظة إقلاع الطائرة.. في الصف الأوسط الكثير من الفتيات المحجبات.. والكثير من ذوي الأصول الهندية..

هنا.. في السماء، على ارتفاع 10 الآف متر.. حيثُ الحياد، واللاإنحياز.. لا شيء سوى رغبة بالوصول سالمين إلى نيويورك..


- كُتبت على ارتفاع 10 الآف متر، فوق المحيط الأطلسي..



يجلسُ إلى جانبي شابٌ أسمر، أجرى عشرات المكالمات الهاتفية قبلَ أن تنطلق الطائرة، نصفها مع أمه وإخوته. المقعد الذي بيننا فارغ، وأصر أن آخذ أنا الغطاء والوسادة الزائدة، وأن أضع حاجياتي على المقعد.. نمت لتسع ساعات تقريباً وهي مدة الرحلة من نيويورك إلى عمّان.. واستيقظت قبل أن تهبط الطائرة بقليل..

في الدقائق التي سبقت هبوط الطائرة.. كان متوتراً، يرتدي معطفه ويخلعه، يرتب حاجياته في الحقيبة الصغيرة، ينظر إلى هاتفه ويكاد يقفز من مقعده.. سألني: متى آخر مرة نزلتي عمّان؟

ضحكت وقلت أنني كنت هناك قبل أسبوع

ردّ مستغرباً: رحتي أمريكا بس أسبوع! .. أنا آخر مرة نزلت عمان من 14 سنة..

- كتبت في مطار الملكة علياء الدولي



ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تسنيم معابره

تدوينات ذات صلة