الحرب الحقيقية هي التي بينك وبين نفسك، الآخرون هم الجحيم!


لطالما تمنيت إخماد كل الأصوات الموجهة نحوي، لطالما تمنيت أن يثق بي أحدهم، أو أن ينصفني آخر، لكن ما كل ما يتمنى المرء يدركه، وكعادتي كان علي أن أسأل نفسي السؤال التالي: ما مدى أهمية آراء الآخرين ولماذا تؤثر علي بشدة!



1- لأنني أسمح لها بذلك


لا يمكن لأي شخص أن يؤذيك ما لم تسمح له بذلك، لا يمكن لأي شخص أن يفقدك صوابك ما لم تعطه أنت هذه القوة، لم تكن مجبرًا على الصراخ أو إفساد مزاجك في ذلك اليوم ولكنك فعلت!


مشكلتنا في هذا العالم ليست مع أي شخص آخر بل مع أنفسنا، في هذا العالم الحرب الحقيقية هي التي بيني وبين نفسي، أولئك القادرون على إصابتنا بالجنون، هم أولئك الذين تمكنوا من اللعب على نقاط ضعفنا، وعرفوا كل تلك الأمور التي لا لسنا واثقين كفاية تجاهها.


لو أتى شخص ليخبرني بأنني أعاني من السمنة وأنا مدرك كامل الإدراك بأنني شخص نحيف، فلن يكون ذلك إلا بمثابة نسمة ثقيلة الظل عبرت من خلالي دون أن تؤثر في، في كل مرة أغضب حين ينتقد أحدهم عملي أعلم أنني أملك هواجس ومخاوف حول هذا العمل وحول قدراتي، ومشكلتي وغضبي كان موجهًا نحوي لا نحوه!


لذلك علي أن أخوض حربي ضدي، وأن أغوص عميقًا وأسأل نفسي، ما الذي أغضبني حقًا؟ ما المؤلم حقًا في هذه الحكاية؟ لماذا يعتصرني الخوف من الفشل؟ لماذا أحاول جاهدة البحث عن موافقة الآخرين ورضاهم؟ لا يمكنني تغيير من حول، لا يمكنني تغيير العالم، سيكون هذا مرهقًا للغاية ولكن يمكنني تغيير نفسي، ليست بالمهمة السهلة، ولكنها ليست بالمهمة المستحيلة أيضًا!


2- لأنني غير مدركة لمدى الضرر والأذى المترتب عليها


يقول سارتر: الآخرون هم الجحيم


لو ركض أحدهم نحوك حاملًا سكينًا بيده ستكون أحمق إن لم تركض بكل قوتك هاربًا، يمكنك محاولة معرفة أسبابه ودوافعه لاحقًا ولكن الأولوية الآن لإنقاذ نفسك، هذه بديهية حتى بالنسبة للأطفال، إذا لمس طفل وعاء ساخنًا وأحرق يده فهو على الأغلب لن يعيد الكره، لقد تعلم درسه، الأوعية الساخنة مؤذية.


في الضرر الفيزيائي نبدو واثقين للغاية، ولكن في الضرر العاطفي نبدو أكثر حمقًا، نستمر بمحادثة أشخاص يخبروننا على الدوام بأننا سنفشل ونصدقهم نوعًا ما، نستمر بقراءة آراء الآخرين حول آرائنا على مواقع التواصل الاجتماعي، نستمر بخوض جدالات عقيمة حول من هو محق، نستمر بشرح أنفسنا وتبرير مواقفنا، وفي كل مرة لا ندرك الضرر الفادح والشرخ العميق الذي نخلقه داخلنا.


3- لأنني أظن أنني وحيدة بذلك


إن الغرور البشري أوصلنا ذات مرة للاعتقاد بأننا محور ومركز الكون، وإنه لمن الغرور أن نعتقد أن الآخرين يهتمون لهذا الحد، البشر كائنات أنانية لذلك فهم محور اهتمام أنفسهم لا نحن، وإذا ما حدث وأخبرونا برأيهم فهو انعكاس لرغبات ودوافع داخلية تخصهم هم لا نحن، سواء أدركوا هم ذلك أم لم يدركوه.


الانتصار هو أعظم انتقام


يتوجب عليك في الرياضات التنافسية التركيز على اللعبة حتى لو وصل الأمر بأحدهم لسبك وسب كل عائلتك والبصق على وجهك، إذا تشتت تركيزك ولو للحظة، وإذا استسلمت لغضبك والتفت نحو ذلك الشخص ستخسر اللعبة، العالم هو ملعب كبير قاس لا تملك أي سيطرة عليه.


يقول النبي عليه الصلاة والسلام: " «ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»

ليست قوة منك أن تلكم شخصًا تهكم عليك، القوة هي أن تعرف قدرك وقدره وتركز علي هدفك، الغضب هو حالة من الضعف الإنساني، لا تغضبنا إلا تلك الأمور التي نعاني من قلة ثقة وتزعزع نحوها.


الحرب الحقيقية هي التي بيني وبين نفسي، ومن عرف نفسه وهدفه في الحياة لن يسمح لترهات الأمور بإيقافه أو حتى إبطائه!


تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة