"ليوناردو دا فينشي في "العشاء الأخير" لم يخلق مجرد عمل فني؛ بل عرّف كيف يمكن للفن أن يعبر عن عمق الإحساس البشري والعواطف." – مايكل إنغرام، مؤرخ فني.



معلومات اللوحة:

1495-1498

Oil on wall, 460 x 880 cm

Refectory of Santa Maria delle Grazie, Milan

زيت على الحائط، 460 × 880 سم

قاعة الطعام في سانتا ماريا ديلي جراتسي، ميلانو



قصة اللوحة:


لوحة العشاء الأخير  |  The Last Supper19208535761760704


تم إنشاء هذا العمل الضخم لقاعة الطعام في دير سانتا ماريا ديلي جراتسي في ميلانو، تم تكليف العمل من قبل لودوفيكو سفورزا، وأصبح مشهورًا على الفور!

تمثل لوحة العشاء الأخير، اجتماع السيد المسيح في الليلة الأخيرة مع تلاميذه، حين أخبرهم بأن أحدهم سيخونه، وتبرز اللوحة وقع النبأ على تعابير وجوه تلاميذه وحركة أجسادهم.

وأكثر ما يلفت النظر في هذا العمل، هو هيكله ذو المنظور الواحد، الذي يؤدي إلى تناغم الحركات والتعبيرات المتعددة في العمل، حيث يعبر كل شخص عن عاطفة مختلفة: الدهشة، القلق، عدم التصديق، الحيرة، الحزن، والاستسلام.


تم تصوير كل تفصيل بدقة متناهية، حتى الأشياء الموجودة على الطاولة تبدو وكأنها تشارك في المشهد: السكاكين، الأطباق، الكؤوس، وقطع الخبز تشارك في حركات التلاميذ الذين يتم تجميعهم في ثلاث مجموعات.



لوحة العشاء الأخير  |  The Last Supper12839858344833866


المعتقدات المسيحية تقول: في تلك الليلة، قام المسيح بإطعام تلاميذه الخبز وشربهم النبيذ، وغسل أرجلهم بيده. خلال العشاء، أعطاهم الخبز وقال: "خذوا، كلوا، هذا هو جسدي"، ثم أعطاهم الكأس وقال: "اشربوا منها كلكم، هذا هو دمي". واستمر هذا الطقس إلى يومنا هذا، حيث يقوم الكاهن أو القس بعد كل صلاة بإعطاء المؤمنين قطعة خبز مع رشفة نبيذ، في تذكار للعشاء الأخير.



تفاصيل اللوحة:


لوحة العشاء الأخير  |  The Last Supper97010886737016940


1- المسيح في الوسط وذراعاه مفتوحتان قليلاً في إشارة ترمز إلى تضحيته على الصليب "حسب المعتقد المسيحي"

2- يجلس التلاميذ على جانبي الطاولة في مجموعات من ثلاثة، وتظهر على وجوههم تعابير متنوعة تتراوح بين المفاجأة والاستياء.

3- تستخدم اللوحة تقنية المنظور التي تركز انتباه المشاهد على نقطة التلاشي في الوسط.

4- تصور الخلفية وراء الطاولة التصميم الداخلي لمبنى من عصر النهضة، مع سلسلة من الأقواس والأعمدة التي تخلق إحساسًا بالعمق في اللوحة.

5- يدخل الضوء الطبيعي إلى المشهد من النافذة على يمين المسيح، مما يخلق تأثيرًا دراميًا للظلال والأنوار في التكوين.




لوحة العشاء الأخير  |  The Last Supper23851559799707690


6- التلميذ الخائن هو يهوذا الإسخريوطي، وهو الذي يحمل كيس المال في يده، يرمز الكيس إلى خيانة يهوذا للمسيح. فيهوذا هو الذي خان المسيح وسلّمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة من الفضة. الخنجر في اليد هو دلالة معنوية على خيانة المسيح، وغير واضح من هو صاحب اليد في اللوحة.



لوحة العشاء الأخير  |  The Last Supper25492593702038536


7- الرمزية الدينية: اللوحة مليئة بالرموز الدينية، منها عدد التلاميذ الاثني عشر، والخبز والنبيذ على الطاولة التي ترمز إلى القربان المقدس. وضعية المسيح وتعبير وجهه يحملان معاني عميقة عن الفداء والخيانة.



الشخصية الجالسة إلى يمين المسيح:


لوحة العشاء الأخير  |  The Last Supper75843469006635710


جادل دان براون في روايته "شيفرة دافنشي" مع عدد من النقاد بأن الشخصية الجالسة إلى يمين المسيح في اللوحة هي مريم المجدلية وليست يوحنا الحبيب.

يستند براون إلى مظهر الشخصية الناعم والأنثوي ليؤكد فرضيته.

ويقول البعض إن مريم المجدلية تبدو كقطعة تكمل لوحة المسيح، وكأنها كانت تستند برأسها على كتفه بحثًا عن الراحة.



* مريم المجدلية:

- الشخصية التاريخية: مريم المجدلية كانت واحدة من أبرز الشخصيات النسائية في العهد الجديد. تُعتبر أحد تلاميذ المسيح المقربين وشهدت صلبه وقيامته "حسب المعتقد المسيحي".

- التفسيرات المختلفة: على مر العصور، تباينت تفسيرات دور مريم المجدلية. في النصوص المسيحية التقليدية، هي قديسة وشاهدة مخلصة. بينما في النصوص الأبوكريفا (غير القانونية)، أحيانًا يتم تصويرها بشكل مختلف.


* الكأس المقدس

- التعريف التقليدي: الكأس المقدس، ، هو الكأس الذي استخدمه المسيح خلال العشاء الأخير، والذي يُعتقد أنه جمع فيه دم المسيح أثناء صلبه. يُعتبر الكأس رمزًا للمقدسات المسيحية، ويمثل العلاقة المباشرة مع المسيح.

- الأساطير: ظهرت العديد من الأساطير حول الكأس المقدس، وخاصة في القرون الوسطى في أوروبا. قصص الفرسان والبحث عن الكأس أصبحت موضوعًا رئيسيًا في الأدب، مثل قصة الملك آرثر وفرسان الطاولة المستديرة.


* شيفرة دافنشي

أحد أشهر الأعمال التي ربطت بين مريم المجدلية والكأس المقدس هو رواية "شيفرة دافنشي" لدان براون. في هذه الرواية، يُقترح أن الكأس المقدس ليس مجرد كأس، بل رمز لدم سلالة المسيح ، وأن مريم المجدلية كانت زوجة المسيح وحملت نسله. تزعم الرواية أن هذه السلالة الملكية استمرت في الخفاء عبر القرون.

- النقد والاستقبال: أثارت هذه الرواية الكثير من الجدل والنقاش، حيث اعتبرها البعض تهجمًا على العقائد المسيحية التقليدية.



* تلف اللوحة


لوحة العشاء الأخير  |  The Last Supper43387701933579100


تعرضت اللوحة لتلف كبير على مر العصور بسبب تقنيات الرسم التي استخدمها دافنشي، كان ذلك إلى حد كبير بسبب كره ليوناردو لعدم مرونة تقنية الفريسكو وتفضيله للرسم بالزيت، الذي لا يناسب الرسم على الجدران.


الترميمات الحديثة حاولت الحفاظ على جوهر العمل الفني واستعادة جماله الأصلي قدر الإمكان.


رغم ذلك تظل لوحة "العشاء الأخير" عملاً فنياً خالداً يعكس براعة ليوناردو دافنشي في التصوير والقدرة على التعبير عن أعمق المشاعر الإنسانية والدينية من خلال الفن.


تقوى يوسف

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات تقوى يوسف

تدوينات ذات صلة