الحقيقة لا تموت، بل تنتظر لحظة اكتشافها.. مقال عن الكذب والواقع وتاريخ لا يرحم المزيفين
كثيرون هم من يمتهنون الكذب ويحاولون بشتى الطرق إخفاء الحقائق أو تزويرها، لكن هذه الحقائق لا تلبث أن تنكشف بقوة للعيان. وكما يقال في المثل العربي: “لا يمكن أن تغطي الشمس بغربال”. فالمقصود أن الحقيقة، مهما سعى البعض إلى إخفائها والتستر عليها، ستظل ظاهرة جلية، تمامًا كما لا يمكن لأداة مثقبة كالغربال أن تحجب ضوء الشمس. فمهما حاول المرء حجبها، ستظل ترسل نورها الساطع إلى كل مكان.
تاريخ الشعوب مليء بمحاولات الطغاة لتزييف الحقائق، لكن كل هذه المحاولات انهارت مع الوقت. تمامًا كما حاول البعض عبر التاريخ حجب جرائمهم، فجاءت الوثائق، والشهادات، والحقائق لتفضحهم رغم كل محاولات الطمس.
ويكفينا أن نتأمل ما حدث خلال نكسة عام 1967، حينما سعت بعض وسائل الإعلام إلى تصوير الهزيمة كأنها نصر، وراحت تذيع بيانات مبالغًا فيها عن انتصارات وهمية وإسقاط طائرات العدو. لكن الحقيقة سرعان ما انكشفت، وكانت أقسى من أن تُخفى. فما إن تهاوت الجبهات، وظهرت فداحة الخسائر، حتى سقطت كل محاولات التجميل، وبقيت الحقيقة وحدها، عارية وواضحة، كالشمس في رابعة النهار.
في حياتنا اليومية، كثيرًا ما نرى من يحاول تزييف الوقائع، وتشويه صورة الآخرين بالافتراءات والأكاذيب ونشر الشائعات، وقد يصل بهم الأمر إلى التستر على الظلم، مما يجعل الطرف المتضرر في حالة نفسية مأساوية، لأن البعض يصدقون هذه الافتراءات ويصدرون أحكامًا قاسية بناءً عليها.
وهناك من يحاول إنكار أخطائه وتلميع صورته الشخصية والظهور في صورة البطل على حساب غيره من الناس. ويأخذ هذا الدور فعلاً، لكنه لا يدوم طويلًا، فهو في الحقيقة “بطل من ورق”.
نعم، قد تنجح الأكاذيب في إيهام الناس مؤقتًا، وتضليلهم وإبعادهم عن الواقع، لكن الحقيقة لا تقبل الكتمان. قد تنجح الخدع مؤقتًا، لكن لا شيء يدوم أمام سطوة الحقيقة، فهي تجد طريقها دومًا إلى النور.
فمهما تلبدت السماء بالغيوم، ومهما طال الانتظار، لا بد أن تشرق الشمس يومًا وتبدد كل الشكوك. فالحقيقة لا تموت، بل تنتظر لحظة انكشافها.
التعليقات