ضياع في وسط ظلمة حالكة، قد ينتهي بنا الأمر عالقين على كرسي مهتز يصدر صرير بأفكار تعمها الفوضى كأصحاب هذا النص ..
نضيع في وسط ظلمة قاحلة، نتمسك في قشة على سطح بحر سنغرق به لا محالة، حينما نركز تفكيرها على طريقة واحدة للخروج من هذا الضياع، فالتعلق قد يسقطنا أرضًا، قد يرمي بنا نحو الهاوية، وقد ينتهي بنا الأمر عالقين على كرسي مهتز يصدر صرير بأفكار تعمها الفوضى تمامًا كأصحاب هذا النص!
في ردهة المنزل، على كرسي مهتز يصدر صريرا! وساعة الحائط تتحدث قائلة: " تيك تاك.. " للحظات طوال لا تنتهي وخرير الماء المنسي خارجا من الصنبر، وصوت المذيع التلفزيوني يملأ صداه المكان، يحكي أخبار أربكت البلاد، وأحدهم يرقد منذ ساعة أمام الباب يدق الجرس علّ هنالك من يسمعه، وضجيج الشارع يعزف للمكان. بين يديه كتاب تناوله من الرف المنسي يملأه الغبار وصفحاته مهترئة يميل لونها إلى لون التاريخ، يحدق به وعيناه مندهشتان ويداه ترتجف! ويمضي الكرسي المهتز نحو الثبات.فتاة في مطلع العشين تقف بمحاذاة النافذة مسرحة ناظريها باحثة عن عابر طريق، عابر مقيم في دواخلها يقتني ورود ليزرعها في خصيلاتها.. الوقت يطول والانتظار أصبح كلوحة منسية بين أفق الضجر.جالس في عتمة غرفته مغمض عينيه وارتعاشة تحتضن جسده بالكامليحلم بأن يكن هناك بين الثروة والنجاح وتراوده أفكار هزيلة بأن يكن أو لا يكن، وساعي بريد رحال بين أرصفة الشوارع وشرفات المنازل يحمل رسائل الحب والعبث، رسائل بلا عناوين مليئة بمحتوى فوضاوي. وإحداهن تبكي بحرقة، تمسك قلم جف حبره، جالسة على قارعة الطريق تحدق بالمارة دون أن تراهم، فروحها الهزيلة شاردة نحو الأفق علها تفقد شيء ما.وفجأة ! يبعد يديه عن الجرس ليدق الباب بقوته المتعبة من حمل رسائل العبث، ويسقط كتاب ذاك الذي بين يديه ويتنحى عن مقعده المتوقف عن الاهتزاز، ليفتح الباب لذاك الساعي، يخبره أن له رسالة من مقيم في بلاد المجهول..الرسالة الواحدة بعد المئة، تدمع عيناه ويترك الباب موصد خلفه، يتجه نحو كرسيه ويخرج من ذاك الكتاب رسالة أخرى، الرسالة التي أحرقت قلبه من ضجيج محيطه..الرسالة الأولى أخبرته بها أنها لم تنوي الرحيل لكن قوانين البلاد الصارمة أخرجتها جبرًا فليس لإنسان أن ينتمي لموطن لطالما انتظر فيه أحدهم ليسكنه. والرسالة الواحدة بعد المائة تخبره بأنها على قارعة الطريق في غربة الياسمين العديم الرائحة، تبكي بحرقة وشريط ذكرياتها الذي يعبرها ويقيم بها يرسم على قلبها لوحة انتظارها التي سئم الانتظار منها، وسئمت نافذتها كذلك. في حين أنه حائر بين جدران غرفته لا يفكر إلا بأحلامه التي باتت وردية، وأنه منسيّ وحيد في ركن منزله الفوضاوي دون أن يكترث به أحد، يبكي بحرقة على رسائلها المنسية لم يعي وجود حروفها قبل عشرين عام من الضجر، وفي نهاية رسالتها خطت بدموعها: " أنت موطني، الذي لم يعترف بي قط"
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
خرااافي الأسلوب وانتقاء الكلمات 😮