حكاية الأمير الصغير هي حكاية قصيرة من تأليف الكاتب الفرنسي:أنطوان دو سانت إكزوبري.

حين كنت في الخامسة عشر من عمري صادف أن أقيم معرض كتابٍ في مكان قريب إلى المدرسة التي كنت أدرس فيها حينها,وقد كان لقائي الأوّل مع معارض الكتب,ولمّا كان مصروفيَ الأسبوعيّْ يكادُ لا يكفي لشيء,فقد قمتُ بإحصائيَّةٍ سريعة وأنا أقف بباب المكتبة العامة التي يقام فيها المعرض لأجد أن المبلغ الوحيد الذي أستطيع اقتطاعه من مصروفي هو خمسةٌ وعشرون قرشاً فقط.


دخلت المعرض وطفت فيه وقتاً طويلاً أقلِّب الكتب وأتصفّح المقدّمات,قبل أن يطالعني كتابٌ غريب الشكل غلافه أبيض مع رسمٍ لأرضٍ كرويّة فيها فوّهات تشبه البراكين وفوقهُ يقف طفلٍ بملابس خضراء ووشاحٍ أصفر إلى جانبه زهرةٌ حمراء نابتةٌ من الأرض ومغطاةٌ بقطعة زجاجيّة.

شكل الغلاف كان لافتاً بحيث حملت الكتاب الذي بدا لي قصّةً موجّهةً للأطفال وكان يحمل عنوان الأمير الصغير,لكاتبٍ ذي اسم صعب لم أحفظه إلا بعد سنواتٍ من التمرّن على ذلك هو "أنطوان دو سانت إكزوبري".


اشتريت الكتاب بالخمسة والعشرين قرشاً التي أحصيت إمكانية دفعها دون أضطر إلى اقتراض مال لإكمال مصاريف أسبوعي,وحملته إلى البيت.

بقي الكتاب شهوراً قبل أن أفتحه وأبدأ قراءته رغم أنّه كان كتاباً صغيراً يتجاوز السبعين صفحة ببضع صفحات فقط وتمتلىُْ صفحاته بالرسومات.

وحين قررت أن أقرأه أخيراً سحرني بما فيه من سلاسة و قربٍ وكأنّك المؤلف يجلس إلى جانبك ليحكي لك قصة ما قبل النوم فيحكي عن فتى صغير يعيش في كوكبٍ بعيد ينكسر قلبه بسبب زهرةٍ زرعها وأحبّها فيمتلىء بالأسئلة التي يقرر السفر في الكواكب بحثاً عن إجاباتٍ لها.


الكتاب في هيئته الأولية حكاية طفوليّةٌ ساذجة,لكنّه يحمل تساؤلات الأطفال وحتى تساؤلات ما بعد النضج,كيف ينظر الآخرون لما نفكر فيه,كيف نصنع أصدقاء,كيف نحمي حبّنا,لماذا يتعارض كوننا رأسماليين مع كوننا قادرين على احتضان الحياة أكثر,ولماذا لو أهملنا إزالة الأشياء التي تزعجنا قد تتضخم لتدمر حياتنا.


أحببتُ الأمير الصغير, لأنّه كان يعرف أنَّه حين تكتسب صديقاً جديداً فليس مهماً أن تعرف ماذا يشتغل والداه,بل أن تعرِف ماذا يحب أن يلعب أو ما هي الحلوى التي يفضّلها,ولن يكون مهماً أن تعرف عدد إخوته وأخواته بقدر ما هو مهم أن تعرف هل يمتلك أصدقاء خياليين أم لا,وكان يعرف أنَّ عليه إزالة الأشياء التي تضرُّه دائماً,وعرفَ أخيراً أنَّ الذي يحبّْ عليه أن لا يؤذي من يحبْ.

الأمير الصغير هو أنا وأنت حين كنّا نتلمّس الطريق بحثاً عن صياغاتٍ لأسئلتنا قبل أن نبحث عن إجابات لها.

و سيكون الأمير الصغير طفلك الذي لا يحبُّ أن يلعب كرة القدم ولا يميل للعب "البلايستيشن" لكنَّه يحب أن يتصفح كتاباً.

لذا حين تعلّمون أولادكم الحياة لا تنسوا أن تمنحوهم فرصةَ قراءة "الأمير الصغير".


صفاء حميد

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات صفاء حميد

تدوينات ذات صلة