لماذا لا تضع حدا لمواقع التواصل الاجتماعي المصممة لإزعاجك وتدمير صحتك النفسية؟
ننشر تحديثات يومية حول ما نقوم به على مواقع التواصل الاجتماعي بإرادتنا،سواء على إنستغرام وفيسبوك وتويتر وغيرها من التطبيقات.
هذه التطبيقات التي نستخدمها على الهواتف الذكية مصممة لنكون مدمنين عليها،
الكثير من الناس يبدأون صباحهم بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي المصممة لتجلعك بائسا، تظهر لك منشورات مصممة لإزعاجك، سواء من أشخاص تعرفهم وآخرين لا تعرفهم.
منشورات تخبرنا بوعي ودون وعي بأننا بحاجة إلى أن نكون شخصًا معينا، وأن نشتري منتجات معينة، ونحب بطريقة معينة، والأهم أن لا نكون صريحين أو صادقين بشأن أنفسنا أبدا.
كل ذاك لنرتقي إلى مستوى معايير اجتماعية هشة ومتغيرة، ولنكون مقبولين مجتمعيا، ومحبوبين بين الناس، وكلما حصلنا على لايكات أكثر زادت قيمتنا، وكلما كان هناك ناس يهتمون لمحتوانا نشعر بأهميتنا.
فجاة قيمتك تصبح مرتبطة، بزر لايك والقليل من التعليقات غير الضرورية سواء كانت مديحا أو ذما.
مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على تدميرك نفسيا دون وعي، سواء من خلال المعايير المزيفة التي لا يستطيع أحد أن تصبو نحوها، أو بسبب التعليقات والتنمر الذي ستجده من حسابات وهمية لبعض الصعاليك المتخفيين الذين يحاولون إيذاء أنفسهم والانتقام من بؤسهم من خلال نعتك بصفات غير محببة وسيئة.
ومشكلة مواقع التواصل الاجتماعي الكبرى، بكونها حديثة على الجنس البشري، ودخيلة على حياتنا ونظامنا الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وللأسف بدأت تتشكل لتجاري النظام الاقتصادي الرأسمالي، وسيلة لكسب الملايين والمليارات فقط، دون أي اعتبار لأي أخلاقيات أو قيم، ودون وجود قوانين واضحة لتنظيمها، وتحجيم الفوضى والإساءة والبلطجة المنتشرة.
بل على العكس، بدأت مواقع التواصل الاجتماعي، تتدخل بسياسيات الدول، وبالأزمات العالمية، وتحدد لك ما يجب أن تراه، وما عليك سماعه، وتكون وسيلة لتزوير انتخابات، ولترويج ضرورة أخذ اللقاحات في أزمة كورونا، وغيرها من القضايا العالمية التي من المفترض أن تتخذ هذه التطبيقات موقف الحياد وأن لا تكون جزءا من السياسات العالمية وداعمة لرأي مقابل رأي آخر.
لذا، يكمن دور كل إنسان في هذاه القضية بداية بأن نتعلم ونعلم الأجيال الجديدة، كيف نحافظ على صحتنا العقلية ونفسيتنا وقيمنا في ظل استخدامنا اليومي لهذه التطبيقات.
علينا أن لا نبدأ يومنا بالدخول لعالم مزيف ووهمي، بل علينا أن نتمسك بالطبيعة والحياة.
أن نتحكم بالساعات التي نقضيها بتصفح هذه المواقع ، أن نختار حياتنا الواقعية على الحياة الافتراضية.
ومن الضروري البدء بنشر بعض المفاهيم، وتطبيقها عمليا، والعمل على مساعدة الأجيال الجديدة لتكون بصحة نفسية جيدة، بتعليم كل فرد أن قيمتك تكمن بكونك إنسانا أولا، ومن وعيك وقدرتك على التعلم بالحياة، والتعامل مع المواقف، بثقافتك ومواهبك ومهاراتك، بقلبك وقدرتك على الإحسان بالرغم من القسوة المتفشية في العالم اليوم.
أن تتجنب أخبار الفضائح والقيل والقال والمواضيع السطحية المنتشرة لأنها لا تعبر إلا عن ضحالة تفكير وقصور نظر ووعي وتستنزف وقتك وطاقتك في أفعال شيطانية، تستبيح بها أعراض وأموال الآخرين، ولا تفيدك بشيء إلا أن تغذي روح الشر التي بداخلك.
عليك أن تبدأ بالعمل على نفسك، أن تكون أفضل نسخة منك كما تحب، أن تفهم ذاتك أكثر، وتحدد من تريد أن تكون، دون النظر إلى النسخ الزائفة المنتشرة التي لا تشبه نفسها في الحقيقة.
ومن الضروري أن تدرك أننا اليوم نعيش في عالم يتصاعد فيه الاستبداد والتطرف، والأحزاب الفاشية والأنظمة المستبدة والمجتمعات العنصرية والمحافظة بتطرف، هذا النظام الرأسمالي المتطرف اليوم، يعمل على انتقاء "النخبة" ويريد البقاء للأصلح بنظره والأقوى بنظره، بعيدا عن أي قيم وآراء أخرى، هذا النظام الذي يريد بشكل مباشر وغير مباشر صناعة نسخ بائسة، مجرد عبيد فكريا وعمليا، لذا عليك أن تعي بأن هناك الكثير من المغيبين عن عقولهم، المستعبدين، المتطرفين فكريا وأخلاقيا ومتعصبين للكره والإقصاء.
لذا لا تجعل من بعض صعاليك الكره أن يعكروا مزاجك .. أو يؤثر رأيهم غير المهم أبدا فيك ولو للحظة،
بل هم مجرد كائنات مبرمجة على ثقافة الكره، والجهل والتعصب. وبحاجة لتشكيل من جديد، ثقافيا وأخلاقيا وقيميا حتى يرتقو ليكونوا ما يمسى "إنسان".
أما على صعيد الأنظمة، فمواقع التواصل الاجتماعي بحاجة فعليا لقوانين جديدة، أن تبدأ فعليا إنستغرام وفيسبوك بتفعيل خاصية "إخفاء أعداد اللايكات" التي سبق وكانت تريد البدء بتجربتها، لإعلاء قيمة المحتوى على قيمة التفاعل.
أن يكون هناك ضبط أكبر في القوانين للمحتوى الذي يتم نشره، دون عنصرية بحسب الجنسيات والسياسات العالمية، بل بحسب الأخلاق والقيم الإنسانية. لأنه، في ظل الفوضى المتواجدة حاليا، يبدو من الصعب ضبط مواقع التواصل الاجتماعي، وسير الحياة اليومية في ظل ثورة الاتصالات والتكنولوجيا، خاصة مع غياب تطبيق للقوانين في كثير من الدول، وتفشي التطرف في الأنظمة السياسية والاجتماعية بين الدول، بين تطرف في الديكتاتورية وتطرف في الليبرالية.
وحتى وسائل الإعلام التي تعاني من تخبط واضح مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي التي بدأت تطغى عليها، بسبب سرعة انتشارها، فهناك تخبط كبير وواضح بكيفية الإستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي والتعامل معها، والمفصل الرئيسي الأكبر .. هل من المفترض الخضوع للتطبيقات وخوارزمياتها وعدد اللايكات والمشاهدات على حساب المحتوى والجودة والقيم؟
لذا مع وجود قوانين واضحة، وإعادة وضع مفاهيم لهذه الثورة التكنولوجية الجديدة، من الممكن ضبط الفوضى قليلا، على مستوى حكومات وانظمة، شركات واقتصاد، وحتى أفراد، وسيبقى هناك مجال ومساحة لروح القانون بالحكم على الكثير مما يتم تداوله. لذا أؤمن أن يوما ما على البشرية أن تجد حلا، في الخروج بنموذج جديد، ينص على التوازن، في الحكم والقيم والأخلاق والتعامل والنشر.
وأن تكون هذه التطبيقات وسيلة لتقويم القيم الإنسانية، ومحاربة الأفكار الهشة المتطرفة في كثير من الدول، وأن تكون يوما وسيلة في إنقاذ البشرية التي تقف على شفا الجحيم اليوم.
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات