لو اعتبرنا إن أفكارنا وتجاربنا شوية حلقات صغيرة في سلسلة كبيرة وإن حلقات الأفكار والتجارب دي أغلبها سلبي مش إيجابي، يا ترى ممكن نعمل ايه؟



الكاتبة والفيلسوفة Elaine Dundon مؤسسة معهد المعنى العالمي حاولت تشرح الظاهرة دي وتقترح ليها آليات حل في مقالة على Psychology Today كانت بتقول:


في أوقات كتير احنا بيحصلنا تعثُرات بتخلينا نكرر نفس أفكارنا السلبية واللي أغلبها غلط و ده الكاتبة بتسميه "التفكير الحلقي".

نفس الأمر ده بيحصل لما نفس دورة التجارب السلبية تكرر نفسها هي هي حتى لو التفاصيل اختلفت شوية، زي مثلًا نفس مشاكل علاقاتك هي هي مع شريك جديد فيها.. وده سمته "تجارب الحلقات".


في الحالتين الموضوع كله هدفه يعرفنا إزاي نخرج من الحلقات دي قبل ما تبقى سجن؟ نفكر في استجابتنا للمواقف بأي طريقة؟ ايه المعنى اللي من ورا الموقف ده وازاي استفيد منه؟

كل ده هييجي واحدة واحدة لما نبتدي نفهم المعنى اللي ورا كل الكلام ده


- يعني ايه تفكير حلقي؟

احنا اتفقنا ان الحلقات دي بتكرر، فده معناه انه تفكير مُتكرر بيسبب للإنسان شعور إنه أسير لأفكاره دي، وإنه متكتف بسلسلة من المشاعر والأفكار اللي بتتكرر معاه دي.. زي لما دماغك تسحلك في فكرة سلبية واحدة فتجيب معاها كل الأفكار المُشابهة اللي في الغالب بتثير مشاعر القلق زيادة وساعات كتير الحزن كمان..

على سبيل المثال لما يحصل معاك موقف مخليك عايز تدافع عن نفسك فيه أو تثبت إنك كنت صح في شيء معين لكن مشاعرك تجاهلوها تمامًا أو متفهمتش أصلًا.. لو أنت في وقتها محلتش الأمر ده هيبتدي تتراكم أفكارك ومشاعرك السلبية تجاه الموقف وتتكرر مع كل موقف مشابه لحد ما تبقى مش قادر تتحرر منها، وفي الآخر محدش بيضيع وقته ولا طاقته غيرك..


- ايه هي تجارب الحلقات؟

نفس فكرة التفكير الحلقي بالظبط، بس هي عبارة عن سلسلة من التجارب المُتكررة مش بس الأفكار، جايز بتتكرر مع ناس وظروف وأماكن مختلفة لكن الثابت فيها هو مشاكلك اللي بتتكرر فيها كل مرة..

وطبعًا فيه تجارب حلقية إيجابية بنشجع عليها زي مثلًا الانجازات الصغيرة اللي كلها مع بعض بتعمل انجازات أكبر ما بين أهداف أو أعمال أخلاقية.. الخ.

لكن تجارب الحلقة السلبية بتبقى عايزاك تاخد بالك شوية..

لو مثلًا نفس المشاكل هي هي مع مُديرك في الشغل رغم إنك كذا مرة تغيره، نفس التصرفات الغلط في علاقاتك باختلاف الناس اللي بتعمل معاهم علاقة، نفس زعلك وحزنك تجاه حاجة مُعينة رغم إنك قولت إنك تجاوزها وتخطيتها ولما بتتحط في موقف مشابه كل الألم اللي جواك تجاه الحاجة دي بيصحى تاني !!


يبقى كده خلاص كل ده هو علشان تخرج برا الحلقات دي وسجنها اللي بيعذبك كتير هو إنك تكون حُر، وإنك تسمح لمشاعرك بإنها تتوجد عادي وتعترف بيها وأفكارك تاخدلها شكل تعبّر بيه عن وجودها..

أبسط الأشياء واللي غالبًا هتلاقينا بنكلمك عنها كل مرة هي إنك تحاول تستعيد انتباهك من خلال تقنيات استرخاء وتفريع شحناتك الانفعالية سواء بالتأمُل أو الكتابة أو ممارسة الرياضة بانتظام أو بإنك تتكلم مع حد موثوق فيه وبترتاح معاه..


لكن الأهم من كده وده اللي احنا جايين نتكلم مع بعض فيه النهارده هو تقنية الكاتبة نوهت عنها في بداية المقال وشرحتها بالتفصيل في كتابها الأكثر مبيعًا " Prisoners of Our Thoughts" ، التقنية دي اسمها Existential Digging أو الحفر الوجودي في ترجمتها الحرفية، وهدف التمرين ده هو إنك تاخد وقتك في التفكير بحيث تتمكن من فحص أفكارك وخبراتك وبالتالي تقدر تفهم معناها ورسالتها.. و اقترحت بعض الأسئلة اللي تعينك في التمرين ده و زي ما اتفقنا إنها ضروري تتجاوب بصدق وموضوعية، أسأل نفسلك:


1. ردك كان عامل ازاي على الموقف أو على التجربة اللي خوضتها؟ ايه رأيك في ردك وعملت ايه؟


2. ايه شعورك تجاه الموقف أو التجربة اللي خوضتها دي؟ وايه نوع مشاعرك أصلًا (+،-) ؟


3. ايه اللي اتعلمته من الموقف أو من التجربة الحياتية دي؟ وايه المعارف أو المهارات اللي اكتسبتها بسببهم؟


4. ازاي الموقف أو التجربة دول هيكونوا سبب في نُضجك؟


5. ازاي هتتطبق اللي اتعلمته منهم خصوصًا في تنمية شخصيتك؟


6. ازاي بعد كده هتعرف تخرج برا أي حلقة تفكير أو تجربة؟


أسئلة كتير محتاجة وقتك لنفسك يسمح بإنك تجاوب عليها، وفي الآخر لازم تعرف ان مفيش شيء بيحصل من غير سبب، فتفكيرك في استجاباتك ومشاعرك واللي اتعلمته من تجاربك والأهم ازاي هتستفيد من كل ده ميقلش أهمية عن قرارك النهارده.. قرارك بإنك تبطل تكرر أنماط تفكيرك وسلوكك القديم علشان تبطل نفس المشاكل والأفكار تتكرر هي هي بنفس شدتها و ربما أكتر،، ساعتها هتبدأ تلاقي معنى أعمق لحياتك ووجودك.

بالمناسبة في بعض الباحثين شايفين إن التكرار ده بيحصل قهريًا، والدكتور العظيم محمد طه اتكلم عن الفكرة دي "التكرار القهري" في كتاب "الخروج عن النص" بشكل شيّق جدًا لو حابب تفهم أكتر فتقدر تتمكن من إجابة الأسئلة دي بصدق و وعي أكتر..

Rewan Kassab

ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات Rewan Kassab

تدوينات ذات صلة