القَهْوَة ( خاطرة برائحة الحب )

فالقهوة لا بد أن تُصنع في هدوء مثلما نحتسيها في هدوء حتى يمتزج قوامها لا تترك العالم وتترسب في قاع الدنيا حزينة.

" القهوة هي هذا الصمت الصباحي الباكر المتأني " *

كان لابد من اقتباس تلك الجملة الافتتاحية عن شاعر المقاومة (محمود درويش) كي تفتح علينا من منابع الذاكرة وفصاحة الذين سبقوا بكلماتهم فيرتوى أمثال أولئك الذين كادت منابعهم ان تجف.

أنا لن يكن في مقدوري ان أفيدك كم هي ضارة او مفيدة، وهل يجب عليك الإقلاع عن ادمانها او أنك تبحر حتى النهاية، ولكنها كأي قصة حب لها جانبها المشرق وكذلك لها جانبها الذي يغرب عنك لا لجهلك به ولكنك تتجاهله، هكذا هو الحب أيضا تتجاهل الهفوات لأنك أحببت.

القهوة هي انطلاقه الصباح، استفاقة العقل بمداركه وازاحه الغمام عن الأعيُن، كما لو كنت طفلا صغيرًا تعلم توًا أن ينطق حروفه الأولى، ويتعرف على ملامح المحيطين به، كألم الفراق إذا تجاهلتها يومًا عن عمد في تراتيل صباحك، لكنه يصيب عقلك لا قلبك.

هي حبيبة ليست أنانية تحب التملك والسيطرة لا تأبه بالتعدد، ستعطيك مطلق الحرية أن تجوب كل بلدان العالم تتذوق مختلف النكهات وتستنشق كافة الروائح، لأنك في النهاية ستعود الى مذاقك المفضل بنكته المميزة،

هي أرض السلم والسلام، في كل رشفه من فنجان قهوتك خطوة إلى بوابة الهدوء ومع آخر رشفة سينتابك شعور بالاستقرار لكن إذا كنت تحتسيها كالبعض أغلب الوقت في كوب في يبدوا أن خطواتك ستكون كثيره وطريقك إلى الاستقرار طويل.

وربما على عكس ما يشار فأنا أجد ان القهوة لا تنتمي إلى أي مكان (بلد) هي فقط تنتمي إلى صاحبها ويد صانعها، فكل شخص لديه من الخبرة ما يجعل في قهوته مذاقا مختلفًا. ودائمًا ما تكون قهوة " أمي" فريدة من نوعها رُبما لأنها تُصنع بالكثير من الحُب.

أحيانا أتصور أنه من الأفضل ألا يُقدم محتواها على طبق يأسرها في إطار ويعزلها عن ودّ مُقدمها، فمن يد إلى يد يتناثر ما صٌنعت به من حب على شاربها فيزيد من حلاوتها مذاقاَ.