ألم ترَ أن الله فهم الحُكم سُليمان ولو كان الأمر بالكِبر لكان داوود أولى؟!.

دخل الحسن ابن الفَضل على بعض الخلفاء وعِنده كثيرٌ مِن أهل العلم

فأحب الحسن أن يتكلم, فنهره الخليفة وقال: يا صبي تتكلم في هذا المقام؟

فهذا مجلس الخليفة والعُلماء لا يَسِع العامة والصِغار!

فقال الحسن: يا أمير المؤمنين إن كنت صبياً فلست أصغر مِن هدهد سُليمان

ولا أنت بأكبر مِن سُليمان _عليه السلام_ حين قال: أحطت بما لم تُحِط به,

واتبع وقال: ألم ترَ أن الله فهم الحُكم سُليمان ولو كان الأمر بالكِبر لكان داوود أولى؟!.

لازِلنا مُذ الأزل ونحن نُعاني مِن عُقدة السِن والمقام

يُسفَّه العالِم لصِغر سِنه ويُوقر الجَاهِل لكِبر سِنه ومقامِه

ورُبَّ شيخٍ أفنى عُمرِه في حماقةٍ أو مَعزولٍ عَن الأحداث والعلاقات فأبلغ حِكمَته لا تَبلُغ الحُكم بين طفلين تشاجرا

صحيح ان ينبغي للصَغير احترام الشيخ والكَبير عالمٌ أو جاهلٌ كان

ولَكِن باب العِلم يُطرق بالعِلم لا بالسن يُطرق بالحِكمة لا بالمقام

فمَن كان لهُ إجازة في علمٍ فليتكلم وإلا فليترك هذا البابُ موصداً

وترك الحَديثَ لمَن لا عِلم له ليس مِن التوقير في الشيء, وزجر الصَغير

إذا قاطع الجاهل ليس أيضاً مِن التوقير بقدر ما هو إصرارٌ على الجهل..

الناسُ بطبعِهم يستهويهم العالِمُ لا عِلم, فيأخذون مِنه دون تفنيد,

ويستهويهم الشيخ لا حِكمته حتى لو كان أبلهاً جاهلاً

وأصل ما جُبِلَ عليه الإنسان أنه كُلما عاشر وأتى وسافر اتسع أفقِه وازداد بَصيرةً ولَكِن لا يَعني أن مَن مِن دون ذلك جاهلاً أرعناً..

وها هو سُليمان عليه السلام فضَّل الله حُكمِه على حكم أبيه

قال تعالى:﴿ وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ۚ﴾

وها هو هُدهد سُليمان قال له: أحطت بما لم تحط به

وليس الطير اعلمُ مِن سُليمان البشر النبي الذي سُخِر له جنودٌ مِن الجن والإنس والطير

وها هي نملةٌ قالت: ﴿حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ﴾

فقادت ونادت وأمرت وحذَّرت والتمست العُذر وهي نملةٌ تكاد لا تُرى.

وعَن عبد الله بن مَصعب أن عُمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ قال: (لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية مِن الفضة فمَن زاد جُعلت الزيادة في بيت المال)

فقالت امرأة: ما ذاك لك, قال: ولِمَ ؟فقالت لان الله تعالى يقول:

﴿ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا﴾

فقال عُمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ فهذه المرأة التي صوبت قول عُمر بن الخطاب ليست أبلغ مِن عُمر الذي سافر وباع وابتاع وتاجر وصاحب النبي

وهاجر وغزا وقاتل وحاكم وأُحتكم إليه.

تَعرِفون أن صَغير اليوم هو كبير الغد, والمرء بِعلمه لا سِنه وباطلاعِه لا عدد ساعاته وأيامِه

والمعاشرة وتشعُب العلاقات ومجالسة العالِم والشيخ تَصنع حِكمة الشيخ في حيوية الشاب

والنهر والزجر وإن كان توقيراً للشيخ والكبير لا يَصنع الاحترام

بقدر ما يَصنع الاستكانة للباطل

ويُميت الشجاعة في القول وتفنيد كُل ما قيل وقال.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

الله على الحاجات الحلوة دي بقاااا 😍😍

إقرأ المزيد من تدوينات محمد الصاوي

تدوينات ذات صلة