والرَجُل بصلابته وفِطنته مَصدر قوة المرأة,والمرأة بحيويَّتِها ووداعتها مَصدر قوَّته والتي مِنها قوتها

يُحكى أن أمَ سِليم زوجة الصحابي أبي طَلحة الأنصاري

قد مَرُضَ ابنهما أبو عُمير ثم توفاه الله

فما كان مِنها إلا أن هيَّأته وغَسَّلته وكفَّنته وسَجلت عليه ثوباَ ونحَّته جانباَ مِن البيت,

ثُم تزينت وتهيَّأت استعداداً لاستقبال زوجها,

فلما جاء قال لها:كيف الغُلام؟قالت: قد هدأت نفسه, وأرجو أن يَكون قد استراح

فظنَّ أبو طلحة أن هدوء الغلام أن تماثل للشفاء, فذهب روعه وقد أمسى هانئ البال وأعدت زوجته العشاء،

وتزيَّنت وتجملت على غير ما كانت تتزيَّن وتتجمل حتى قضى ليلته في أحسن حال،

فلما أدبر الليل وأصبح الصُبح تهيَّأ أبو طلحة للخروج إلى صلاة الصُبح خلف رسول الله ﷺ

فقالت له زوجته: يا أبا طلحة أرأيت إلى قومٍ أعاروا أهل بيتٍ عاريةَ, فطلبوا عاريته مألهُم أن يَمنعوهم؟!

قال: لا, قالت فإن الله قد استعار عاريته, فاحتسب ابنك.!.

إن فُضلى فضائل المرأة الكامِنة في الأمومة تَصل إلى أوجها

إذا غَشت الرجُل بشيءٍ مِنها,

صحيح أن الرجال أشدُ تَحملاً للألم مِن النساء إلا أن أم سَليم لم تأمَن الألم على قلب زوجها،

كالأمُ مهما أنجبت مِن الرِجال وبَلغوا أشُدهم لا يطأ الأمن قلبها عليهم,

واللهُ قد ربَط على قلب أم سِليم بصبرٍ لم يبلغه أحدٍ مِن نساءِ العالمين

فَكيف لثاكلةِ ابنها أن تتزين وتتجمَّل وقلبها يتمزَّق تمزُّقاً لولا أن رَبتَ الله على قلبها؟!

تَعرِفون أن الرجال كالأشجار في الصلابةِ والثبات والنِساء كالأزهار في اللين والجزع

والرَجُل بصلابته وفِطنته مَصدر قوة المرأة,والمرأة بحيويَّتِها ووداعتها مَصدر قوَّته والتي مِنها قوتها

والحياةُ بسعدِها وكدرها ونعيمها وشقائها لا فَضيلة لكلا الزوجين إن لم يتعاونا على فَهمِها، فطوبى لَهُما يشدد كُل منهما أزر الآخر إلى الجنة.

والحُب عِند المرأة فَضيلةٌ فوق شَعورٍ تجدها فيه بأسمى معانيها

وعِند الرجل وداعةٍ أسفل شعورٍ تجده فيه بأقل عَقلِه وأَرحبَ صَدرِه.

وها هي أُم المؤمنين خديجة (رضي الله عنها) كان النبي ﷺ فَقيراً فأغناه الله بِهاوآوته في بيتها وأول مَن آمن برسالته وربتت على قلبِه وهدأت مِن روعه ويدٌ حانيةٌ ولسانٌ يَقطر عسلاً,

وكانت تقول: "كلا أبشر فوالله لا يَخزيك الله أبداً فوالله إنك لتصل الرحم وتَصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المَعدوم وتقرئ الضيف وتُعين على نوائب الحق"

وعنها قال النبي ﷺ "إني رُزقت حُبها".

لا يُوجد الإنسانُ في الإنسان إلا إذا اقترنت رَوحه بأخرى, تَسعد بسعدها وتشقى بِشقوتها فكُل إلفٍ يَتوقُ إلى أليفه,

فالحُب إذا سَكنَ قلباً فإنه يُسْكِنُه حتى إذا ألتقى بمحبوبِه عاد عَمِله وكُل مرةٍ يعلمُ أنه كان متوقفاً!,

والديارُ ليس بفسحِها وأثاثِها وروُنقِ هاإنما بسُكانِها

وكما يُقال فِي المَثلِ العامي (الجنةُ مِن غير الناس ما تنداس),

وقال تعالى: ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾, فحواءُ قبل الجَنة ودوماً الرفيقُ قبل الدار.


ألهمني ألهمني أضف تعليقك

التعليقات

إقرأ المزيد من تدوينات محمد الصاوي

تدوينات ذات صلة