إن كنت كاتب سيراودك الفضول يوما ما حول إذا ما كنت تمتلك ذكاءا من نوع خاص بالطبع أو كيف يعمل عقلك أثناء الكتابة؟
ماذا يحدثْ في عقلك أثناءَ الكتابة ؟
عزيزي ، اليومَ و بعدَ انقطاعٍ دام طويلًا ، و بعدَ الاعتذار ، هلْ فكرّتَ يومًا إذا كُنتَ كاتبًا أو رسامًّا ماهرًا ، أنّكَ تمتلك ذكاءًا من نوعٍ خاص ؟
هل تسآلت لمَ أنتَ قد تستطيعُ الكتابة ببساطة و تنشئ خيالاتٍ خصبة ، و رواياتٍ و قصص قصيرة بينما آخرون يُمسكونَ بالقلمِ و يكتبون فقط أسماءهم الثلاثية على ورقة التعبير ؟ !
أعتقد أني اليوم أكتب المقال الصحيح في المكان الصحيح ؛ فمجتمع ملهم يحوي الكثير من محترفي الكتابة الإبداعية و إن كنت بالطبع قارئ شغف أعتقد أن الفضول حرك قلبك لتعرف أيضا ماذا يحدث للعقل أثناء الكتابة بالطبع .
من وجهة نظري:
دائمًا ما اعتقدتُ في ثنايا قلبي ، ان للكاتبِ دائمًا ذكاءًا من نوعٍ خاص يختلفُ عن غيره ، فانا أؤمن مثلا أن الكاتبة آجاثا كريستي من أكثر الناس ذكاءًا على الإطلاق !
لقدرتها على كتابة هذا الكم من الروايات و جعلك في كل مرة تائِهًا هائمًا فيها !
و إن نظرنا أيضًا فقد قيلَ أنَ شكسبير من أكثر الناس ذكاءًا على مرّ التاريخ ، حيثُ أنّ معدل ذكاءه يترواح حوالي ( ٢١٠..).
في غضون معدل الذكاءِ الطبيعي هو (١٠٠ )فيما فوق و أنّ فوق ال ٢٠٠ يعد عبقرية نادرة جدًا .
و هو يصنف من أذكى عشر أشخاص على مر التاريخ .
أعتقدُ من هذا المنطلقُ فقد يملِكُ الكاتب بعضَ المهارات أو الذكاءِ عن باقي أقرانه .
بطريقة علمية:
و لكنْ إن جئنا للإثباتِ بطريقة علمية ، فدعني أشرح لك قليلًا ، كيف يعمل عقلك.
في منطقة من عقلك تُرقم بـ (area 45) , هذه المنطقة هي مركز الكتابة في المخ ، و المسؤولة عن التعبير عن ما بداخلك عن طريقِ الكتابة ، هذه المنطقة قد تكونِ متضخمة قليلًا لديك ، ككاتبِ يملِكُ القدرة على نسج قصة رائعة مليئة بالأحداث !
ولكن دعنّي أجيب عن سؤال قد يراود عقلك الآن !
هل هناك فرق بين الكتابة ، كنسخِ نصٍّ مثلا ، و الكتابة الإبداعية ؟
بالتأكيد يا عزيزي .
المخ أكثر تعقيدا مما تتخيل .
و هذا ما أجابته دراسة نُشرت في مجلة ( New York Times) بعنوان (this is your brain in writing) , أو هذا عقلك أثناء الكتابة .
فوصفَ الدماغ ، تحتَ التصوير بالرنين المغناطيسي، في الحالتين ، حالة الكتابة عند نسخ نصّ فقط ، أي أنّهُ يُظهر نص على الشاشة و يقوم المتطوع فقط بإعادة كتابته ثم قام بتصوير الدماغ .
و في الحالة الثانية ، أظهر للمتطوع نصًّا على الشاشة و كان حدثًا لبداية قصة قصيرة و طلب من المتطوع أن يُكمل النص من إنشاءه و من وحي خياله لمدة دقيقتين و أثناء ذلك يقوم الجهاز بتصوير الدماغ و عمله .
و كانت بالطبع النتيجة ، أنّ عمل و أداءُ الدماغِ في الحالة الثانية أو حالة الكتابة الإبداعية أكثر نشاطًا من مجرد النسخ ، كان الدماغ نشطًا في مراكز كثيرة للمخ ، كمراكز البصر و الكتابة و السمع و أيضًا مراكز الحروف و الأصواتِ ، و مراكز الربط بين كلّ هذه الأفعال ، حتى في بعضِ المتطوعين وجدتُ مراكز التذوّق في الدماغ نشطة !
و يُقال هذا بسبب إنشاء خيالاتٍ لكتابتها .
ولكنْ هذا المتطوع لم يكن كاتبًّا بالأصل !
كان شخصًا عاديًّا لا يهوى الكتابة .
فاِقْتُرحَ إكمالُ هذه الدراسة على مجموعة من الكتابِ في القرن الثالث من عمرهم و إخضاعهم لهذه الدراسة ..
فكانت أيضًا المفاجأة ..
أنّ الكاتب كانت مراكز الدماغُ عنده نشطة من قبلِ أن يلمسَ القلم الورقة !
كانت جميعُ تلك المراكز التي حاول المتطوع في التجربة الأولى تنشيطها كانت نشطة عند الكاتب بالطبع ..!
و أيضًا بالإضافة لذلك , تم تنشيط جزء من الدماغ يسمى بالـ (hippocampus) و هي منطقة مسؤولة عن استدعاء المعلومات و الأشخاص .
و منطقة أُخرى تسمى الـ (caudate neuclus) و التي أيضًا كانت نشطة لدى الكتاب و هادئة تماما في المتطوع الغير كاتب !
و هي منطقة مسؤولة عن التعود و الخبرة و المهارات المكتسبة .
الذكاء اللغوي:
بعيدا قليلا عن الذكاء بشكل عام أو معدل الذكاء و لكن ما لا شك فيه بالطبع يتميز الكاتب و الصحفي بهذا النوع من الذكاء , و هو الذكاء اللغوي .
فقدرة الكاتب على تخزين هذا الكم من الكلمات و المصطلحات اللغوية و توظيفيها بالشكل الصحيح و ربطها لإنتاج مقطوعة موسيقية تلامس كل من يقرأها , و تصل للقلب و تخالج المشاعر هي نوع من الذكاء الذي لا يمكن تجاهله بالتأكيد , فليس لدى الجميع هذه القدرة بالطبع ,
هناك مناطق و مراكز عالية الدقة في المخ بالتأكيد لتخزين الكلمات و المصطلحات , بالإضافة لمراكز الكتابة , و أيضا مراكز الربط بيبن المشاعر و المصطلحات و تنسيق الكلام ,,, جميعها تعتبر نشطة لدى الكتاب عن غيرهم .
ليس الجميع يستطيع توظيف خياله لللكتابة وإن استطاع توظيف الخيال فقد لا يستطيع توظيف التشبيهات و الاستعارات و الكنايات بدقة و براعة ,
لذا فيعتقد أن أجاثا كريستي تحمل ذكاءا أعلى من أقرانها في الكتابة أيضأ لكونها أصلا تكتب في الغموض !
فحتى الكتاب يتفاوتون في درجات الذكاء بالتأكيد,
الخلاصة :
مما لا شك فيه بالتأكيد أن الكاتب يملك بعض المراكز النشطة في الدماغ , و من الم}كد أيضا أن الإشارات الكهربائية في دماغ الكاتب تختلف بالتأكيد عن الأشخاص اللذين لا تستهويهم الكتابة , حتى و لو قرر الاثنان الإمساك بالقلم و إكمال قصة قصيرة ,
و بالإضافة لكون الكاتب يتميز بذكاء عن أقرانه أو لا , و لكن أيضأ نستنتج أن الكتابة الإبداعية أيها الكاتب قد تكون تمرينا عقليا قد يساعدك في صحتك العقلية , و تنشيط بعض مراكز الدماغ ,
و لكن مع كل هذه الدراسات المشوشة و الصورة الغير واضحة و جازمة , أحب اختتام قولي بمقولة الدكتور
(creativity is a perversely difficult thing to study)
دائما السلوك الإبداعي يصعب دراسته , و عنيد جدا في نتائجه , فالإبداع دائما لا حدود له .
كلمة أخيرة :
أعتقد في قرارة نفسه أن الكاتب ذو خيال خصب و قوة عظيمة لربط الأحداث و نسج قصة واقعية أو أشبه بالخيال , أعتقد أن قدرته على ربط الكلمات و نسج التشبيهات و الاستعارات التي تجعل القارئ يشعر بحرارة الصيف في برد الشتاء و بقطرات المطر الباردة تحت حرارة الشمس بالتأكيد قدرة خارقة , و ذكاء من نوع خاص , تدفق المشاعر بانتظام و رؤية الدموع بين السطور , قدرة الكاتب على تجسيد الأحداث و المعارك و المشاعر و وصفها بكل دقة , على ورقة بيضاء تماما بقلم أسود , إنها لمعجزة حقا !
إذا ما رأيك أنت ؟
أسعد بجميع الآراء و النقاشات .
مريم طه
طالبة بكلية الطب .
ألهمني أضف تعليقك
التعليقات
معلومات جميلة💙
Amazing 💜
مقال جاذب وذو فائدة قيّمة، بوركت مريم👏